للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السَّادِسَةَ عَشْرَةَ: شَهِدَ رَجُلَانِ أَنَّ زَيْدًا أَعْتَقَ نَصِيبَهُ مِنَ الْمُشْتَرِكِ وَهُوَ مُوسِرٌ، وَحَكَمَ الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا، ثُمَّ رَجَعَا، فَشَهَادَتُهُمَا تُثْبِتُ عِتْقَ نَصِيبِهِ، وَيُوجِبُ عَلَيْهِ قِيمَةُ نَصِيبِ شَرِيكِهِ، فَيَغْرَمَانِ قِيمَةَ نَصِيبِهِ قَطْعًا ; لِأَنَّ شُهُودَ الْعِتْقِ يَغْرَمُونَ بِالرُّجُوعِ.

وَهَلْ يَغْرَمَانِ لَهُ قِيمَةَ نَصِيبِ الشَّرِيكِ الَّتِي غَرِمَهَا؟ قَوْلَانِ ; لِأَنَّ فِي تَغْرِيمِ شُهُودِ الْمَالِ قَوْلَيْنِ سَبَقَا. هَذَا إِذَا صَدَّقَ الشَّرِيكُ الشُّهُودَ، وَأَخَذَ الْقِيمَةَ، وَعَتَقَ جَمِيعُ الْعَبْدِ، إِمَّا بِنَفْسِ الْإِعْتَاقِ، وَإِمَّا بِدَفْعِ الْقِيمَةِ، فَأَمَّا إِذَا كَذَّبَهُمْ، وَقَالَ: لَمْ يُعْتِقْ زَيْدٌ نَصِيبَهُ، فَإِنْ عَجَّلْنَا السِّرَايَةَ، عَتَقَ الْجَمِيعُ، وَلَا يَلْزَمُهُ لِلشَّرِيكِ شَيْءٌ، وَإِنْ أَخَّرْنَاهَا، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ: يُجْبَرُ عَلَى أَخْذِ الْقِيمَةِ لِيَكْمُلَ الْعِتْقُ، ثُمَّ يَلْزَمُهُ رَدُّهَا إِنْ أَصَرَّ عَلَى تَكْذِيبِ الشُّهُودِ، كَمَا لَوْ جَاءَ الْمُكَاتَبُ بِالنَّجْمِ الْأَخِيرِ، فَقَالَ السَّيِّدُ: هَذَا حَرَامٌ غَصَبْتَ مِنْ فُلَانٍ، يُجْبَرُ عَلَى أَخْذِهِ، ثُمَّ يَرُدُّهُ عَلَى مَنْ أَقَرَّ لَهُ.

وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ عَلَى شَرِيكٍ أَنَّهُ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ، وَآخَرَانِ عَلَى الشَّرِيكِ الْآخَرِ أَنَّهُ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ، وَهُمَا مُوسِرَانِ، فَإِنْ أُرِّخَتِ الْبَيِّنَتَانِ، عَتَقَ كُلُّهُ عَلَى الْأَوَّلِ، إِنْ عَجَّلْنَا السِّرَايَةَ، وَعَلَيْهِ قِيمَةُ نَصِيبِ الْآخَرِ، وَإِنْ أَخَّرْنَاهَا إِلَى أَدَاءِ الْقِيمَةِ، فَعَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ فِي أَنَّ إِعْتَاقَ الثَّانِي قَبْلَ أَدَاءِ الْقِيمَةِ، هَلْ يُنَفَّذُ؟ إِنْ قُلْنَا: لَا وَهُوَ الْأَصَحُّ، أُخِذَتْ قِيمَةُ نَصِيبِهِ مِنَ الْأَوَّلِ لِيَعْتِقَ، وَإِنْ لَمْ يُؤَرَّخَا، عَتَقَ الْعَبْدُ كُلُّهُ، وَلَا تَقْوِيمَ. فَلَوْ رَجَعَ الشَّاهِدَانِ عَلَى أَحَدِهِمَا، لَمْ يَغْرَمَا شَيْئًا، لِأَنَّا لَا نَدْرِي أَنَّ الْعِتْقَ فِي النِّصْفِ الَّذِي شَهِدَا بِهِ حَصَلَ بِشَهَادَتِهِمَا، أَمْ بِشَهَادَةِ الْآخَرَيْنِ بِالسِّرَايَةِ، فَلَا يُوجِبُ شَيْئًا بِالشَّكِّ، وَإِنْ رَجَعُوا جَمِيعًا، فَقِيلَ: الْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُمْ يَغْرَمُونَ قِيمَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>