كُلِّ ذَلِكَ فِي الْوَصِيَّةِ، وَذَكَرْنَا أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ دَيْنٌ وَلَا وَصِيَّةٌ، اعْتُبِرَ عِتْقُهُ مِنَ الثُّلُثِ، فَإِنْ خَرَجَ كُلُّهُ مِنْ ثُلُثِهِ، عَتَقَ، وَإِلَّا، عَتَقَ قَدْرُ الثُّلُثِ، وَإِنْ مَلَكَهُ بِإِرْثٍ، عَتَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ عَلَى الْأَصَحِّ حَتَّى يَعْتِقَ كُلُّهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالٌ آخَرُ. وَقِيلَ: مِنَ الثُّلُثِ حَتَّى لَا يَعْتِقَ إِلَّا ثُلُثُهُ، إِذَا لَمْ يَمْلِكْ شَيْئًا آخَرَ. وَلَوْ مَلَكَهُ بِهِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ، فَإِنْ قُلْنَا: الْإِرْثُ مِنَ الثُّلُثِ، فَهُنَا أَوْلَى، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ، وَالْمَسْأَلَةُ مَبْسُوطَةٌ فِي الْوَصَايَا.
فَرْعٌ
مِنْ قَوَاعِدِ كِتَابِ السِّيَرِ أَنَّ الْحَرْبِيَّ إِذَا قَهَرَ حَرْبِيًّا، مَلَكَهُ، قَالَ الْإِمَامُ: وَلَمْ يَشْتَرِطِ الْأَصْحَابُ قَصْدَ الْإِرْقَاقِ، بَلِ اكْتَفَوْا بِصُورَةِ الْقَهْرِ، وَعِنْدِي لَا بُدَّ مِنَ الْقَصْدِ، فَإِنَّ الْقَهْرَ قَدْ يَكُونُ لِلِاسْتِخْدَامِ، فَلَا يَتَمَيَّزُ قَهْرُ الْإِرْقَاقِ إِلَّا بِالْقَصْدِ، فَإِذَا قَهَرَ عَبْدٌ سَيِّدَهُ الْحَرْبِيَّ، عَتَقَ الْعَبْدُ، وَصَارَ السَّيِّدُ رَقِيقًا لَهُ. وَلَوْ قَهَرَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ، وَاسْتَرَقَّهَا، مَلَكَهَا، وَجَازَ لَهُ بَيْعُهَا، وَكَذَا لَوْ قَهَرَتْ زَوْجَهَا.
وَلَوْ قَهَرَ حَرْبِيٌّ أَبَاهُ أَوِ ابْنَهُ، فَهَلْ لَهُ بَيْعُهُ؟ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: لَا، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ: لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ. وَالثَّانِي: نَعَمْ ; لِأَنَّ الْقَهْرَ دَائِمٌ، وَبِهَذَا أَفْتَى الشَّيْخُ أَبُو زَيْدٍ، وَيُشْبِهُ أَنْ يُرَجَّحَ الْأَوَّلُ، وَيُتَّجَهَ أَنْ يُقَالَ: لَا يَمْلِكُهُ بِالْقَهْرِ، لِاقْتِرَانِ سَبَبِ الْعِتْقِ بِسَبَبِ الْمِلْكِ. وَيُخَالِفُ الشِّرَاءَ فَإِنَّا صَحَّحْنَاهُ لِكَوْنِهِ ذَرِيعَةً إِلَى تَخْلِيصِهِ مِنَ الرِّقِّ.
قَدْ سَبَقَ أَنَّهُ لَوِ اشْتَرَى بَعْضَ قَرِيبِهِ، عَتَقَ عَلَيْهِ، وَسَرَى إِلَى الْبَاقِي، وَفِي مَعْنَاهُ قَبُولُ الْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ. وَلَوْ وَرِثَ نِصْفَهُ، لَا يَسْرِي،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute