إِذَا مُتُّ فَدَخَلْتَ الدَّارَ، أَوْ إِذَا مُتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ إِنْ دَخَلْتَ الدَّارَ، فَعَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي التَّعْلِيقِ بِالْمَشِيئَةِ.
وَلَوْ قَالَ الشَّرِيكَانِ لِعَبْدِهِمَا: إِذَا مِتْنَا فَأَنْتَ حُرٌّ، لَمْ يَعْتِقْ حَتَّى يَمُوتَا، إِمَّا مَعًا، وَإِمَّا مُرَتَّبًا، ثُمَّ إِنْ مَاتَا مَعًا، فَالْحَاصِلُ عِتْقٌ لِحُصُولِ الصِّفَةِ، لَا تَدْبِيرٌ ; لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ بِمَوْتِهِ وَمَوْتِ غَيْرِهِ. وَالتَّدْبِيرُ: أَنْ يُعَلِّقَ بِمَوْتِ نَفْسِهِ. وَقِيلَ: إِنَّهُ عِتْقُ تَدْبِيرٍ، لِاتِّصَالِهِ بِالْمَوْتِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ. وَإِنْ مَاتَا مُرَتَّبًا، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: لَيْسَ بِتَدْبِيرٍ، وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ إِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا، صَارَ نَصِيبُ الثَّانِي مُدَبَّرًا، لِتَعَلُّقِ الْعِتْقِ بِمَوْتِهِ، وَكَأَنَّهُ قَالَ: إِذَا مَاتَ شَرِيكِي فَنَصِيبِي مِنْكَ مُدَبَّرٌ، وَنَصِيبُ الْمَيِّتِ لَا يَكُونُ مُدَبَّرًا، وَهُوَ بَيْنَ الْمَوْتَيْنِ لِلْوَرَثَةِ، فَلَهُمُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِمَا لَا يُزِيلُ الْمِلْكَ، كَالِاسْتِخْدَامِ وَالْإِجَارَةِ، وَلَيْسَ لَهُمْ بَيْعُهُ ; لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَحِقَّ الْعِتْقِ بِمَوْتِ الشَّرِيكِ، وَكَذَا إِذَا قَالَ: إِنْ دَخَلْتَ الدَّارَ بَعْدَ مَوْتِي، فَأَنْتَ حُرٌّ، فَلَيْسَ لِلْوَارِثِ بَيْعُهُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ الدُّخُولِ، إِذْ لَيْسَ لَهُ إِبْطَالُ تَعْلِيقِ الْمَيِّتِ، وَإِنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ أَنْ يُبْطِلَهُ، كَمَا لَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِشَيْءٍ وَمَاتَ، لَيْسَ لِلْوَارِثِ بَيْعُهُ، وَإِنْ كَانَ لِلْمُوصِي أَنْ يَبِيعَهُ. وَكَذَا مَنْ أَعَارَ، لَهُ الرُّجُوعُ فِي الْعَارِيَةِ.
وَلَوْ قَالَ: أَعِيرُوا دَارِي لِفُلَانٍ بَعْدَ مَوْتِي شَهْرًا، وَجَبَ تَنْفِيذُ وَصِيَّتِهِ، وَلَمْ يَمْلِكِ الْوَارِثُ الرُّجُوعَ عَنْ هَذِهِ الْعَارِيَةِ، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ. وَفِي الصُّورَتَيْنِ وَجْهٌ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْوَرَثَةِ بَيْعُهُ، وَفِي كَسْبِ الْعَبْدِ بَيْنَ مَوْتَيْهِمَا وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مَعْدُودٌ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ، وَأَصَحُّهُمَا: أَنَّهُ لِلْوَارِثِ خَاصَّةً. قَالَ فِي «الْأُمِّ» : وَلَوْ قَالَا لِعَبْدِهِمَا: أَنْتَ حَبِيسٌ عَلَى آخِرِنَا مَوْتًا، فَإِذَا مَاتَ، عَتَقْتَ، فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَا: إِذَا مُتْنَا فَأَنْتَ حُرٌّ، إِلَّا أَنَّ هُنَاكَ الْمَنْفَعَةَ بَيْنَ الْمَوْتَيْنِ تَكُونُ لِوَرَثَةِ الْأَوَّلِ، وَهِيَ لِلْآخَرِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute