الِاشْتِرَاطُ، وَبِهِ أَجَابَ الْأَكْثَرُونَ ; لِأَنَّ الْفَاءَ لِلتَّعْقِيبِ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي سَائِرِ التَّعْلِيقَاتِ، كَقَوْلِهِ: إِنْ دَخَلْتُ الدَّارَ فَكَلَّمْتُ زَيْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، هَلْ يُشْتَرَطُ اتِّصَالُ الْكَلَامِ بِالدُّخُولِ؟ وَلَوْ قَالَ: إِذَا مُتُّ فَمَتَى شِئْتَ فَأَنْتَ حُرٌّ، لَمْ يُشْتَرَطِ اتِّصَالُ الْمَشِيئَةِ بِالْمَوْتِ بِلَا خِلَافٍ.
وَلَوْ قَالَ: إِذَا مُتُّ، فَأَنْتَ حُرٌّ إِنْ شِئْتَ، أَوْ إِذَا شِئْتَ، أَوْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ إِذَا مُتُّ إِنْ شِئْتَ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهَذَا اللَّفْظِ الْمَشِيئَةُ فِي الْحَالِ، وَتُحْتَمَلُ الْمَشِيئَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ، فَيُرَاجَعُ وَيَعْمَلُ بِمُقْتَضَى إِرَادَتِهِ، فَإِنْ قَالَ: أَطْلَقْتُ وَلَمْ أَنْوِ شَيْئًا، فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ. الْأَصَحُّ: حَمْلُهُ عَلَى الْمَشِيئَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَبِهِ أَجَابَ الْأَكْثَرُونَ. مِنْهُمُ الْعِرَاقِيُّونَ، وَشَرَطُوا أَنْ تَكُونَ الْمَشِيئَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ عَلَى الْفَوْرِ، وَمُقْتَضَى مَا سَبَقَ عَنِ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ: أَنْ لَا يُشْتَرَطَ الْفَوْرُ. وَالثَّانِي: حَمْلُهُ عَلَى الْمَشِيئَةِ فِي الْحَيَاةِ وَبَعْدَ الْمَوْتِ ; لِأَنَّ الْمَوْتَ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَهُمَا فَتَكْفِي الْمَشِيئَةُ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ، وَيُشْتَرَطُ الْفَوْرُ عَلَى الصَّحِيحِ. وَالثَّالِثُ: تُشْتَرَطُ الْمَشِيئَةُ فِي الْحَيَاةِ، فَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقَا، لَمْ يَحْصُلْ يَقَيْنُ الْعِتْقِ، وَلْيَجْرِ هَذَا الْخِلَافُ فِي سَائِرِ التَّعْلِيقَاتِ، كَقَوْلِهِ: إِذَا دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ إِنْ كَلَّمْتِ فُلَانًا. أَيُعْتَبَرُ الْكَلَامُ بَعْدَ الدُّخُولِ، أَمْ قَبْلَهُ؟ قَالَ الْإِمَامُ: وَنَشَأَ مِنْ هَذَا الْمُنْتَهَى إِشْكَالٌ فِيمَا لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: إِنْ رَأَيْتُ عَيْنًا فَأَنْتَ حُرٌّ، وَالْعَيْنُ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْبَاصِرَةِ، وَالدِّينَارِ، وَعَيْنِ الْمَاءِ، وَلَمْ يَنْوِ الْمُعَلِّقُ شَيْئًا، فَهَلْ يَعْتِقُ الْعَبْدُ إِذَا رَأَى شَيْئًا مِنْهَا؟ فِيهِ تَرَدُّدٌ، وَالْوَجْهُ: أَنَّهُ يَعْتِقُ، وَبِهِ يَضْعُفُ اعْتِبَارُ الْمَشِيئَتَيْنِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَشِيئَةِ.
وَلَكَ أَنْ تَقُولَ: إِنْ لَمْ تَكُنِ الْمَسْأَلَةُ كَالْمَسْأَلَةِ، فَلَا إِلْزَامَ، وَإِنْ كَانَتْ كَهِيَ، فَلْيَحْصُلُ الْعِتْقُ بِالْمَشِيئَةِ فِي الْحَيَاةِ أَوْ بَعْدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute