إِنْ قُلْنَا: لَا يَكْفِي الرُّجُوعُ بِاللَّفْظِ، وَإِلَّا فَيَبْقَى فِي بَاقِيهِ فَقَطْ، نَصَّ فِي «الْأُمِّ» أَنَّهُ إِذَا دَبَّرَ، ثُمَّ خَرِسَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِشَارَةٌ مَفْهُومَةٌ، وَلَا كِتَابَةٌ، فَلَا مُطَّلَعَ عَلَى رُجُوعِهِ، وَإِنْ كَانَتْ لَهُ إِشَارَةٌ أَوْ كِتَابَةٌ، فَأَشَارَ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ، ارْتَفَعَ التَّدْبِيرُ، وَإِنْ أَشَارَ بِنَفْسِ الرُّجُوعِ، فَعَلَى الْخِلَافِ.
وَلَوْ دَبَّرَ مُكَاتَبًا، صَحَّ، فَإِنْ أَدَّى النُّجُومَ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ، عَتَقَ بِالْكِتَابَةِ وَبَطَلَ التَّدْبِيرُ، وَلَوْ عَجَّزَ نَفْسَهُ. أَوْ عَجَّزَهُ سَيِّدُهُ، بَطَلَتِ الْكِتَابَةُ، وَبَقِيَ التَّدْبِيرُ، وَلَوْ مَاتَ السَّيِّدُ: قَبْلَ الْأَدَاءِ وَالتَّعْجِيزِ، عَتَقَ بِالتَّدْبِيرِ إِنِ احْتَمَلَهُ الثُّلُثُ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: وَتَبْطُلُ الْكِتَابَةُ. قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: وَعِنْدِي أَنَّهُ يَتْبَعُهُ وَلَدُهُ وَكَسْبُهُ، كَمَا لَوْ أَعْتَقَ السَّيِّدُ مُكَاتَبَهُ قَبْلَ الْأَدَاءِ، فَكَمَا لَا يَمْلِكُ إِبْطَالَ الْكِتَابَةِ بِالْإِعْتَاقِ، فَكَذَا بِالتَّدْبِيرِ. قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِالْبُطْلَانُ زَوَالَ الْعَقْدِ دُونَ سُقُوطِ أَحْكَامِهِ.
الْأَمْرُ الثَّالِثُ: إِنْ لَمْ نُجَوِّزِ الرُّجُوعَ عَنِ التَّدْبِيرِ بِاللَّفْظِ، فَإِنْكَارُ السَّيِّدِ التَّدْبِيرَ لَيْسَ بِرُجُوعٍ، وَإِنْ جَوَّزْنَاهُ، فَهَلْ هُوَ رُجُوعٌ؟ وَكَذَا إِنْكَارُ الْمُوصِي الْوَصِيَّةَ، وَالْمُوَكِّلُ الْوَكَالَةَ، هَلْ هُوَ رُجُوعٌ؟ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ، أَحَدُهَا: نَعَمْ ; لِأَنَّ هَذِهِ الْعُقُودَ عُرْضَةٌ لِلْفَسْخِ. وَلَوْ قَالَ: لَسْتَ بِمُدَبَّرٍ، أَوْ لَسْتَ بِوَكِيلٍ، أَوْ لَيْسَ هَذَا مُوصًى بِهِ، وَجَبَ الْقَطْعُ بِارْتِفَاعِ هَذِهِ الْعُقُودِ، فَكَذَا إِذَا قَالَ: لَمْ أُدَبِّرْ، وَلَمْ أُوكِلْ، وَلَمْ أُوصِ.
وَالثَّانِي: لَا ; لِأَنَّهُ كَذِبٌ فَلَمْ يُؤَثِّرْ. وَالثَّالِثُ وَهُوَ الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ: تَرْتَفِعُ الْوَكَالَةُ ; لِأَنَّ فَائِدَتَهَا الْعُظْمَى تَتَعَلَّقُ بِالْمُوَكِّلِ، وَلَا يَرْتَفِعُ التَّدْبِيرُ وَالْوَصِيَّةُ ; لِأَنَّهُمَا عَقْدَانِ يَتَعَلَّقُ بِهِمَا غَرَضُ شَخْصَيْنِ، فَلَا يَرْتَفِعَانِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute