أَنَّ عَيْنَ الْمَبِيعِ لَا يَقْبَلُ التَّأْجِيلَ وَتَأْخِيرَ التَّسْلِيمِ. فَلَوْ كَاتَبَهُ فِي رَمَضَانَ عَلَى خِدْمَةِ شَوَّالٍ لَمْ يَصِحَّ، وَلَوْ كَاتَبَهُ عَلَى دِينَارٍ يُؤَدِّيهِ فِي آخِرِ هَذَا الشَّهْرِ، وَعَلَى خِدْمَةِ الشَّهْرِ الَّذِي بَعْدَهُ، لَمْ يَصِحَّ.
وَأَمَّا الْمَنَافِعُ الْمُلْتَزَمَةُ فِي الذِّمَّةِ، كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ مُعَيَّنٍ، وَبِنَاءِ جِدَارٍ مَوْصُوفٍ، وَدَارٍ مَوْصُوفَةٍ، فَيَجُوزُ فِيهَا التَّأْجِيلُ. وَلَوْ كَاتَبَهُ عَلَى بِنَاءِ دَارَيْنِ، وَجَعَلَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَقْتًا مَعْلُومًا، صَحَّ. وَلَوْ قَالَ: كَاتَبْتُكَ عَلَى خِدْمَةِ شَهْرٍ مِنَ الْآنِ، وَعَلَى دِينَارٍ بَعْدَ انْقِضَائِهِ بِيَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ، جَازَ. وَلَوْ قَالَ: وَعَلَى دِينَارٍ عِنْدَ انْقِضَائِهِ، فَوَجْهَانِ. وَقِيلَ: قَوْلَانِ، الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ: الْجَوَازُ، قَالُوا: وَلَا بَأْسَ بِكَوْنِ الْمَنْفَعَةِ حَالَّةً لِأَنَّ التَّأْجِيلَ يُشْتَرَطُ لِحُصُولِ الْقُدْرَةِ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الِاشْتِغَالِ بِالْخِدْمَةِ فِي الْحَالِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَاتَبَ عَلَى دِينَارَيْنِ، أَحَدُهُمَا حَالٌّ، وَالْآخَرُ مُؤَجَّلٌ، وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ الْأَجَلَ وَإِنْ أَطْلَقُوا اشْتِرَاطَهُ، فَلَيْسَ ذَلِكَ بِشَرْطٍ فِي الْمَنْفَعَةِ الَّتِي تُقَدَّرُ عَلَى الشُّرُوعِ فِيهَا فِي الْحَالِ. وَلَوْ كَاتَبَ عَلَى خِدْمَةِ شَهْرٍ وَدِينَارٍ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ، كَقَوْلِهِ: وَدِينَارٍ بَعْدَ الْعَقْدِ بِيَوْمٍ، جَازَ عَلَى الْأَصَحِّ.
وَلَوْ قَالَ: عَلَى خِدْمَةِ شَهْرٍ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ، وَعَلَى خِيَاطَةِ ثَوْبٍ مَوْصُوفٍ بَعْدَ انْقِضَاءِ الشَّهْرِ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ: وَدِينَارٍ بَعْدَ انْقِضَاءِ الشَّهْرِ. وَذَكَرَ الْبَغَوِيُّ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ بَيَانُ الْعَمَلِ فِي الْخِدْمَةِ، قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: يَكْفِي إِطْلَاقُ الْخِدْمَةِ، لَكِنْ لَوْ قَالَ: عَلَى مَنْفَعَةِ شَهْرٍ، لَمْ يَصِحَّ، لِاخْتِلَافِ الْمَنَافِعِ. وَإِذَا كَاتَبَ عَلَى خِدْمَةٍ وَدِينَارٍ، فَمَرِضَ فِي الشَّهْرِ، وَفَاتَتِ الْخِدْمَةُ، انْفَسَخَتِ الْكِتَابَةُ فِي قَدْرِ الْخِدْمَةِ، وَأَمَّا الْبَاقِي فَقِيلَ: تَبْطُلُ فِيهِ قَطْعًا ; لِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ فِي بَعْضِ الْعَبْدِ. وَقِيلَ: هُوَ كَمَنْ بَاعَ عَبْدَيْنِ، فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْقَبْضِ، فَفِي الْبَاقِي طَرِيقَانِ. أَحَدُهُمَا: لَا تَبْطُلُ. وَالثَّانِي: قَوْلَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute