اشْتَرَى رَجُلٌ ثَلَاثَةَ أَعْبُدٍ، كُلُّ عَبْدٍ لِرَجُلٍ مِنْ مُلَّاكِهِمْ صَفْقَةً، فَالنَّصُّ بُطْلَانُ الْبَيْعِ. وَلَوْ نَكَحَ نِسْوَةً، أَوْ خَالَعَهُنَّ عَلَى عِوَضٍ وَاحِدٍ، فَفِي صِحَّةِ الْمُسَمَّى قَوْلَانِ مَنْصُوصَانِ. وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُ هَذِهِ الصُّورَةِ وَمَا فِيهَا مِنَ الطُّرُقِ فِي كِتَابِ الصَّدَاقِ، فَإِنْ أَفْسَدْنَا هَذِهِ الْكِتَابَةَ، فَأَدَّوُا الْمَالَ، عَتَقُوا بِالتَّعْلِيقِ، وَإِنْ أَدَّ بَعْضُهُمْ حِصَّتَهُ، فَهَلْ يَعْتِقُ؟ وَجْهَانِ أَوْ قَوْلَانِ.
أَصَحُّهُمَا: لَا، لِعَدَمِ كَمَالِ الصِّفَةِ، كَمَا لَوْ قَالَ: إِنْ دَخَلْتُمُ الدَّارَ، فَأَنْتُمْ أَحْرَارٌ، فَدَخَلَ بَعْضُهُمْ، لَا يَعْتِقُ. وَالثَّانِي: نَعَمْ، لِأَنَّ الْعِتْقَ فِي الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُعَاوَضَةِ، وَلِهَذَا يَتَرَاجَعَانِ. وَمُقْتَضَى الْمُعَاوَضَةِ أَنْ يَعْتِقَ كُلُّ وَاحِدٍ بِأَدَاءِ حِصَّتِهِ، ثُمَّ مَنْ عَتَقَ رَجَعَ عَلَى السَّيِّدِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْعِتْقِ ; لِأَنَّ سُلْطَةَ السَّيِّدِ بَاقِيَةٌ إِلَى يَوْمِ الْعِتْقِ، لِتَمَكُّنِهِ مِنْ فَسْخِ الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ، وَإِنْ صَحَّحْنَا الْكِتَابَةَ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وُزِّعَ الْمُسَمَّى عَلَيْهِمْ. ثُمَّ الْمَذْهَبُ تَوْزِيعُهُ عَلَى قِيمَتِهِمْ لَا عَلَى عَدَدِهِمْ، ثُمَّ كُلُّ عَبْدٍ يُؤَدِّي حِصَّتَهُ مِنَ النَّجْمَيْنِ، فَإِذَا أَدَّاهَا، عَتَقَ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عِتْقُهُ عَلَى أَدَاءِ غَيْرِهِ. وَإِنْ مَاتَ بَعْضُهُمْ، أَوْ عَجَزَ، فَهُوَ رَقِيقٌ، وَيَعْتِقُ غَيْرُهُ بِالْأَدَاءِ، وَلَا يُقَالُ: عُلِّقَ بِأَدَائِهِمْ ; لِأَنَّ الْكِتَابَةَ الصَّحِيحَةَ يَغْلِبُ فِيهَا حُكْمُ الْمُعَاوَضَةِ، وَلِهَذَا إِذَا أَبْرَأَ السَّيِّدُ الْمُكَاتَبَ، عَتَقَ، وَإِذَا مَاتَ، لَمْ تَبْطُلِ الْكِتَابَةُ، بِخِلَافِ التَّعْلِيقَاتِ.
الرُّكْنُ الثَّالِثُ: السَّيِّدُ، وَشَرْطُهُ: كَوْنُهُ مُخْتَارًا، مُكَلَّفًا، أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ، فَلَا تَصِحُّ كِتَابَةُ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ، وَلَا إِعْتَاقُهُمَا عَلَى مَالٍ، وَلَوْ أَذِنَ فِيهِ الْوَلِيُّ. وَلَا كِتَابَةُ وَلِيِّهِمَا أَبًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، وَلَا إِعْتَاقُهُ عَبْدَهُمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute