الْحَالُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْبَاقِي لِغَيْرِهِ، فَإِذَا كَاتَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ، إِنْ كَانَ بِإِذْنِ الْآخَرِ، فَقَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا: لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الشَّرِيكَ الْآخَرَ يَمْنَعُهُ مِنَ التَّرَدُّدِ وَالْمُسَافَرَةِ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُصْرَفَ إِلَيْهِ سَهْمُ الْمُكَاتَبِينَ مِنَ الزَّكَاةِ.
وَالثَّانِي: يَصِحُّ، كَمَا يَصِحُّ إِعْتَاقُ بَعْضِهِ. وَإِنْ كَاتَبَهُ بِغَيْرِ إِذْنِ الْآخَرِ، لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ بِطَرْدِ الْخِلَافِ.
فَإِنْ أَفْسَدْنَا كِتَابَةَ الشَّرِيكِ، فَلِلسَّيِّدِ إِبْطَالُهَا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ، وَدَفَعَ الْعَبْدُ إِلَى الَّذِي لَمْ يُكَاتِبْهُ بَعْضَ كَسْبِهِ، وَإِلَى الَّذِي كَاتَبَ بَعْضَهُ بِحَسَبِ الْمِلْكِ حَتَّى أَدَّى مَالَ الْكِتَابَةِ عَتَقَ، وَيُقَوَّمُ نَصِيبُ الشَّرِيكِ عَلَى الَّذِي كَاتَبَ بِشَرْطِ يَسَارِهِ، وَيَرْجِعُ الْعَبْدُ عَلَيْهِ بِمَا دَفَعَ، وَيَرْجِعُ هُوَ عَلَى الْعَبْدِ بِقِسْطِ الْقَدْرِ الَّذِي كَاتَبَهُ مِنَ الْقِيمَةِ.
وَإِنْ دَفَعَ جَمِيعَ مَا كَسَبَهُ إِلَى الَّذِي كَاتَبَهُ حَتَّى تَمَّ قَدْرُ النُّجُومِ فَوَجْهَانِ، وَنَقَلَهُمَا الصَّيْدَلَانِيُّ قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا: يَعْتِقُ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ فِي الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ يَتَعَلَّقُ بِحُصُولِ الصِّفَةِ، وَقَدْ حَصَلَتْ.
وَأَصَحُّهُمَا: لَا يَعْتِقُ؛ لِأَنَّ الْمُعَاوَضَةَ تَقْتَضِي إِعْطَاءَ مَا تَمْلِكُهُ لِيَنْتَفِعَ بِهِ الْمَدْفُوعُ إِلَيْهِ.
وَأُجْرِيَ الْخِلَافُ فِيمَا لَوْ قَالَ: إِنْ أَعْطَيْتَنِي عَبْدًا، فَأَنْتَ حُرٌّ، فَأَعْطَاهُ عَبْدًا مَغْصُوبًا، هَلْ يَحْصُلُ الْعِتْقُ؟
[فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَعْتِقُ] فَلِلَّذِي لَمْ يُكَاتِبْ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَهُ مِمَّا أَخَذَهُ الَّذِي كَاتَبَ، ثُمَّ إِنْ أَدَّى الْعَبْدُ تَمَامَ النُّجُومِ مِنْ حِصَّتِهِ مِنَ الْكَسْبِ عَتَقَ، وَإِلَّا فَلَا.
وَإِنْ قُلْنَا: يَعْتِقُ فَيَأْخُذُ نَصِيبَهُ أَيْضًا. وَالتَّرَاجُعُ بَيْنَ الَّذِي كَاتَبَ وَالْعَبْدِ، وَسِرَايَةُ الْعِتْقِ عَلَى مَا سَبَقَ.
وَإِنْ صَحَّحْنَا كِتَابَةَ الشَّرِيكِ، فَدَفَعَ الْعَبْدُ مِنْ كَسْبِهِ إِلَى الَّذِي كَاتَبَهُ حِصَّتَهُ، أَوْ جَرَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الَّذِي لَمْ يُكَاتِبْهُ مُهَايَأَةٌ، فَدَفَعَ مَا كَسَبَهُ فِي نَوْبَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute