الثَّانِي: أَنَّهُ يَسْتَقِلُّ بِالِاكْتِسَابِ، فَيَتَرَدَّدُ وَيَتَصَرَّفُ، فَيُؤَدِّي الْمُسَمَّى وَيُعْتَقُ. وَإِذَا أَدَّى، فَمَا فَضَلَ مِنَ الْكَسْبِ، فَهُوَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْفَاسِدَةَ كَالصَّحِيحَةِ فِي حُصُولِ الْعِتْقِ بِالْأَدَاءِ، فَكَذَلِكَ فِي الْكَسْبِ، وَوَلَدُ الْمُكَاتَبِ مِنْ جَارِيَةٍ كَكَسْبِهِ، لَكِنْ لَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّهُ مُكَاتَبٌ عَلَيْهِ، فَإِذَا عَتَقَ تَبِعَهُ، وَعَتَقَ عَلَيْهِ.
وَهَلْ يَتْبَعُ الْمُكَاتَبَةَ كِتَابَةً فَاسِدَةً وَلَدُهَا؟ طَرِيقَانِ.
الْمَذْهَبُ: نَعَمْ، كَالْكَسْبِ. وَالثَّانِي: قَوْلَانِ، كَمَا سَبَقَ فِي بَابِ التَّدْبِيرِ فِي وَلَدِ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهَا بِصِفَةٍ.
الثَّالِثُ: ذَكَرَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ أَنَّهُ إِذَا اسْتَقَلَّ، سَقَطَتْ نَفَقَتُهُ عَنِ السَّيِّدِ، وَأَنَّ مُعَامَلَتَهُ كَالْمُكَاتَبِ كِتَابَةً صَحِيحَةً.
وَالَّذِي ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ مُعَامَلَتُهُ مَعَ السَّيِّدِ، وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيمَا فِي يَدِهِ، كَمَا فِي الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ، وَلَعَلَّ هَذَا أَقْوَى.
فَرْعٌ
الْمُكَاتَبُ كِتَابَةً صَحِيحَةً، هَلْ لَهُ السَّفَرُ بِغَيْرِ إِذْنِ السَّيِّدِ؟ فِيهِ نَصَّانِ، فَقِيلَ: قَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا: الْجَوَازُ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى الْكَسْبِ، وَلِأَنَّهُ فِي يَدِ نَفْسِهِ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ، فَلَمْ يُمْنَعِ السَّفَرُ.
وَقِيلَ: نَصُّ الْجَوَازِ مَحْمُولٌ عَلَى سَفَرٍ قَصِيرٍ، وَالْمَنْعُ عَلَى طَوِيلٍ. وَقِيلَ: الْجَوَازُ إِذَا لَمْ يَحِلَّ النَّجْمُ، وَالْمَنْعُ إِذَا حَلَّ، فَإِنْ جَوَّزْنَاهُ، فَهَلْ يَجُوزُ لِلْمَكَاتَبِ كِتَابَةً فَاسِدَةً؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: لَا.
تُفَارِقُ الْفَاسِدَةُ الصَّحِيحَةَ فِي أُمُورٍ. أَحَدُهَا: إِذَا أَدَّى الْمُسَمَّى فِي الْفَاسِدَةِ، وَعُتِقَ، رَجَعَ عَلَى السَّيِّدِ بِمَا أَدَّى، وَرَجَعَ السَّيِّدُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْعِتْقِ.
وَفِي قَوْلٍ ضَعِيفٍ: يَرْجِعُ بِقِيمَةِ يَوْمِ الْعَقْدِ، فَإِنْ هَلَكَ الْمُسَمَّى فِي يَدِ السَّيِّدِ، رَجَعَ الْعَتِيقُ بِثُلُثِهِ أَوْ قِيمَتِهِ، فَإِنْ كَانَ الْوَاجِبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute