نَصِيبَهُ، وَلَا حَاجَةَ إِلَى الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يَدَّعِي عَلَيْهِ شَيْئًا.
ثُمَّ يُتَخَيَّرُ الْمُنْكِرُ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّتَهُ مِنَ النُّجُومِ مِنَ الْعَبْدِ، وَبَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الْمُقِرِّ نِصْفَ مَا أَخَذَ؛ لِأَنَّ كَسْبَ الْمُكَاتَبِ مُتَعَلَّقُ حَقِّهِمَا بِالشَّرِكَةِ، وَيَأْخُذُ الْبَاقِي مِنَ الْعَبْدِ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُقَرِّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ بِدَفْعِ الْمُشَارَكَةِ عَنْهُ.
وَإِذَا عَجَزَ الْمُكَاتَبُ عَمَّا طَالَبَ الْمُنْكِرَ بِهِ، فَلَهُ تَعْجِيزُهُ وَإِرْقَاقُ نَصِيبِهِ. ثُمَّ عَنْ نَصِّهِ فِي «الْإِمْلَاءِ» أَنَّهُ يُقَوَّمُ مَا أَرَقَّهُ عَلَى الْمُقِرِّ، وَنَقَلَهُ ابْنُ سَلَمَةَ، وَابْنُ خَيْرَانَ إِلَى الصُّورَةِ السَّابِقَةِ، وَجَعَلُوا التَّقْوِيمَ عِنْدَ الْعَجْزِ فِي الصُّورَتَيْنِ عَلَى قَوْلَيْنِ، وَامْتَنَعَ الْجُمْهُورُ مِنْ نَقْلِهِ إِلَى تِلْكَ الصُّورَةِ، وَفَرَّقُوا بِأَنَّ الْعَبْدَ هُنَاكَ يَقُولُ: أَنَا حُرٌّ كَامِلُ الْحَالِ فَلَا يَسْتَحِقُّ التَّقْوِيمَ، وَهُنَا يَعْتَرِفُ بِأَنَّ نَصِيبَ الْمُنْكِرِ مِنْهُ لَمْ يُعْتَقْ.
وَلَوْ قَالَ الْمُكَاتَبُ لِأَحَدِهِمَا: دَفَعْتُ النُّجُومَ إِلَيْكَ لِتَأْخُذَ نَصِيبَكَ وَتَدْفَعَ نَصِيبَ الْآخَرِ إِلَيْهِ، كَمَا صَوَّرْنَا، فَقَالَ فِي الْجَوَابِ: قَدْ فَعَلْتَ مَا أُمِرْتَ بِهِ فَأَنْتَ عَتِيقٌ، وَأَنْكَرَ الْآخَرُ، عَتَقَ نَصِيبُ الْمُقِرِّ، وَصُدِّقَ الْمُنْكِرُ بِيَمِينِهِ، فَإِذَا حَلَفَ بَقِيَ نَصِيبُهُ مُكَاتَبًا، وَلَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ أَخْذِ حِصَّتِهِ مِنَ الْمُكَاتَبِ، وَبَيْنَ أَخْذِهِ مِنَ الْمُقِرِّ لِإِقْرَارِهِ بِأَخْذِهَا، وَمِنْ أَيِّهِمَا أَخَذَ، عَتَقَ نَصِيبُهُ.
ثُمَّ إِنْ أَخَذَهَا مِنَ الْمُكَاتَبِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُقِرِّ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ صَدَّقَهُ فِي الدَّفْعِ إِلَى الشَّرِيكِ، فَإِنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُشْهِدَ عَلَيْهِ.
وَإِنْ أَخَذَهَا مِنَ الْمُقِرِّ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمُكَاتَبِ؛ لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ مَظْلُومٌ. فَإِذَا اخْتَارَ الرُّجُوعَ عَلَى الْمُكَاتَبِ، فَلَمْ يَأْخُذْ حِصَّتَهُ مِنَ الْمُقِرِّ، وَلَمْ يَدْفَعْهَا إِلَى الْمُنْكِرِ، وَعَجَّزَ نَفْسَهُ، فَنِصْفُهُ حُرٌّ، وَنِصْفُهُ رَقِيقٌ، فَيُقَوَّمُ عَلَى الْمُقِرِّ فَيَأْخُذُ الْمُنْكِرُ مِنْهُ قِيمَةَ النِّصْفِ، وَيَأْخُذُ أَيْضًا مَا أَقَرَّ بِقَبْضِهِ لَهُ، فَإِنَّهُ كَسَبَ النِّصْفَ الَّذِي كَانَ مِلْكَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute