السِّرَايَةَ فِيهِ قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا: نَعَمْ، كَمَا لَوْ كَاتَبَهُ شَرِيكَانِ، ثُمَّ أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا، وَأَظْهَرُهُمَا: لَا؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ السَّابِقَةَ تَقْتَضِي حُصُولَ الْعِتْقِ بِهَا، وَالْمَيِّتُ لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ، وَالِابْنُ كَالنَّائِبِ عَنْهُ، فَإِنْ قُلْنَا: يَسْرِي، فَهَلْ يَسْرِي فِي الْحَالِ، أَوْ عِنْدَ الْعَجْزِ؟ قَوْلَانِ كَمَا سَبَقَ فِي الشَّرِيكَيْنِ.
أَظْهَرُهُمَا: الثَّانِي فَإِنْ قُلْنَا يَسْرِي فِي الْحَالِ، فَحَكَى الْإِمَامُ وَجْهَيْنِ فِي انْفِسَاخِ الْكِتَابَةِ فِيمَا سَرَى الْعِتْقُ إِلَيْهِ، كَمَا حَكَاهُمَا فِي صُورَةِ الشَّرِيكَيْنِ، وَالَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ: الِانْفِسَاخُ فِيهِ، وَإِثْبَاتُ وَلَائِهِ لِلْمُعْتِقِ، وَفِي وَلَاءِ النِّصْفِ الْأَوَّلِ وَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا: لِلْمُعْتِقِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ نَصِيبَ الْآخَرِ بَقِيَ رَقِيقًا، وَأَصَحُّهُمَا: أَنَّهُ لَهُمَا لِأَنَّهُ عَتَقَ بِحُكْمِ كِتَابَةِ الْأَبِ، فَيَثْبُتُ لَهُ الْوَلَاءُ، وَيَنْتَقِلُ إِلَيْهِمَا بِالْعُصُوبَةِ.
وَإِذَا قُلْنَا: لَا تَنْفَسِخُ الْكِتَابَةُ فِيمَا سَرَى إِلَيْهِ، فَوَلَاءُ الْجَمِيعِ لِلْأَبِ، وَإِنْ قُلْنَا: إِنَّ السِّرَايَةَ تَثْبُتُ عِنْدَ الْعَجْزِ، فَإِنْ أَدَّى نَصِيبَ الْآخَرِ عَتَقَ كُلُّهُ، وَوَلَاؤُهُ لِلْأَبِ، وَإِنْ عَجَزَ، فَطَرِيقَانِ.
أَحَدُهُمَا: تَبْطُلُ الْكِتَابَةُ، وَيَكُونُ وَلَاءُ الْجَمِيعِ لَهُ، وَأَصَحُّهُمَا: أَنَّ وَلَاءَ مَا سَرَى الْعِتْقُ إِلَيْهِ، وَقُوِّمَ عَلَيْهِ لَهُ.
وَفِي وَلَاءِ النِّصْفِ الْأَوَّلِ الْوَجْهَانِ. وَقَدْ يَخْتَصُّ الْوَجْهَانِ بِصُورَةِ الْإِعْتَاقِ. وَفِي صُورَةِ الْإِبْرَاءِ يَكُونُ وَلَاءُ النِّصْفِ لِلْأَبِ يَنْتَقِلُ إِلَيْهِمَا قَطْعًا، أَمَّا إِذَا قُلْنَا: لَا سِرَايَةَ، فَنَصِيبُ الْآخَرِ مُكَاتَبٌ كَمَا كَانَ.
فَإِنْ عَتَقَ بِأَدَاءٍ، أَوْ إِعْتَاقٍ، أَوْ إِبْرَاءٍ، فَوَلَاءُ الْجَمِيعِ لِلْأَبِ. وَإِنْ عَجَزَ بَقِيَ نَصِيبُهُ رَقِيقًا. وَفِي وَلَاءِ نَصِيبِ الْأَوَّلِ الْوَجْهَانِ، هَلْ هُوَ لَهُ، أَمْ لَهُمَا؟ وَلَوْ قَبَضَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ نَصِيبَهُ مِنَ النُّجُومِ إِنْ كَانَ بِغَيْرِ إِذْنِ الْآخَرِ، فَهُوَ فَاسِدٌ، وَإِنْ كَانَ بِإِذْنِهِ، فَقَوْلَانِ، كَمَا سَنَذْكُرُهُ فِي الشَّرِيكَيْنِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
فَإِنْ صَحَّحْنَا فَقَالَ الْإِمَامُ: لَا سِرَايَةَ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْقَبْضِ. وَلَا سِرَايَةَ حَيْثُ حَصَلَ الْعِتْقُ بِغَيْرِ اخْتِيَارٍ. وَفِي «التَّهْذِيبِ» أَنَّ الْقَوْلَ فِي عِتْقِ نَصِيبِهِ، وَفِي السِّرَايَةِ كَمَا ذَكَرْنَا فِيمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute