لِيَكْسِبَ يَوْمًا لِنَفْسِهِ، وَيَوْمًا لِلْمُكَذِّبِ، أَوْ يَخْدِمَهُ جَازَ، وَلَا إِجْبَارَ عَلَيْهَا عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَا تَقْدِيرَ فِي النَّوْبَتَيْنِ فِي الْمُهَايَأَةِ. وَقَالَ ابْنُ كَجٍّ: يُجَوِّزُ يَوْمَيْنِ وَثَلَاثَةً، فَإِنْ زَادَ كَسْبُهُ فَوَجْهَانِ. وَإِذَا أَدَّى النُّجُومَ، وَفَضَلَ شَيْءٌ مِمَّا كَسَبَ لِنَفْسِهِ، فَهُوَ لَهُ.
ثُمَّ إِنْ أَعْتَقَ الْمُصَدِّقُ نَصِيبَ نَفْسِهِ عَتَقَ. وَفِي سَرَايَتِهِ طَرِيقَانِ، قَالَ الْأَكْثَرُونَ: قَوْلَانِ كَمَا لَوْ صَدَّقَاهُ، إِلَّا أَنَّا إِذَا قُلْنَا بِالسِّرَايَةِ ثَبَتَ هُنَا فِي الْحَالِ، وَلَا يَجِيءُ الْقَوْلُ الْآخَرُ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهُ مُنْكِرٌ الْكِتَابَةَ، فَلَا يُمْكِنُ التَّوَقُّفُ إِلَى الْعَجْزِ، وَقِيلَ: تَثْبُتُ السِّرَايَةُ فِي الْحَالِ قَطْعًا؛ لِأَنَّ مُنْكِرَ الْكِتَابَةِ يَقُولُ: هُوَ رَقِيقٌ لَهُمَا، فَإِذَا أَعْتَقَ صَاحِبَهُ ثَبَتَتِ السِّرَايَةُ، فَإِنْ قُلْنَا: لَا سِرَايَةَ، فَوَلَاءُ مَا عَتَقَ هَلْ يَكُونُ بَيْنَهُمَا، أَمْ يَنْفَرِدُ بِهِ الْمُصَدِّقُ؟ وَجْهَانِ.
أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي لِأَنَّ الْمُنْكِرَ أَبْطَلَ حَقَّهُ بِالْإِنْكَارِ، فَإِنْ جَعَلْنَاهُ بَيْنَهُمَا، فَمَاتَ هَذَا الْعَبْدُ، وَنِصْفُهُ رَقِيقٌ، وَقُلْنَا: إِنَّ مِثْلَهُ يُورَثُ، وُقِفَتْ حِصَّةُ الْمُنْكِرِ، وَإِنْ قُلْنَا بِالسِّرَايَةِ، فَوَلَاءُ النِّصْفِ الَّذِي سَرَى الْعِتْقُ إِلَيْهِ، لِلْمُعْتِقِ، وَفِي وَلَاءِ النِّصْفِ الْآخَرِ الْوَجْهَانِ.
وَلَوْ أَبْرَأَهُ الْمُصَدِّقُ عَنْ نَصِيبِهِ مِنَ النُّجُومِ، فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا سِرَايَةَ؛ لِأَنَّ مُنْكِرَ الْكِتَابَةِ لَا يَعْتَرِفُ بِعِتْقِ نَصِيبِهِ، وَيَعْتَقِدُ الْإِبْرَاءَ لَغْوًا، قَالَ الْإِمَامُ: وَيَجِيءُ الْخِلَافُ فِي السِّرَايَةِ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَدِّقِ مَقْبُولٌ فِي نَصِيبِهِ.
فَإِذَا أَتَى بِمَا يَقْتَضِي الْعِتْقَ، فَالسِّرَايَةُ بَعْدَهُ قَهْرِيَّةٌ، وَإِنْ أَدَّى نَصِيبَ الْمُصَدِّقِ مِنَ النُّجُومِ، فَلَا سِرَايَةَ.
وَهَلْ يَكُونُ وَلَاءُ مَا عَتَقَ لَهُمَا، أَمْ يَخْتَصُّ بِهِ الْمُصَدِّقُ؟ فِيهِ الْوَجْهَانِ.
وَلَوْ عَجَّزَهُ الْمُصَدِّقُ عَادَ قِنًّا، وَيَكُونُ الْكَسْبُ الَّذِي فِي يَدِهِ لِلْمُصَدِّقِ؛ لِأَنَّ الْمُكَذِّبَ أَخَذَ حِصَّتَهُ. وَلَوِ اخْتَلَفَا فِي شَيْءٍ مِنْ أَكْسَابِهِ، فَقَالَ الْمُصَدِّقُ: كَسَبْتُهُ بَعْدَ الْكِتَابَةِ، وَقَدْ أَخَذْتَ نَصِيبَكَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute