فَرْعٌ
إِذَا اجْتَمَعَ الْعِيدُ وَالْكُسُوفُ، خَطَبَ لَهُمَا بَعْدَ الصَّلَاتَيْنِ خُطْبَتَيْنِ يَذْكُرُ فِيهِمَا الْعِيدَ وَالْكُسُوفَ. وَلَوِ اجْتَمَعَ جُمُعَةٌ وَكُسُوفٌ، وَاقْتَضَى الْحَالُ تَقْدِيمَ الْجُمُعَةِ، خَطَبَ لَهَا، ثُمَّ صَلَّى الْجُمُعَةَ، ثُمَّ الْكُسُوفَ، ثُمَّ خَطَبَ لَهَا. وَإِنِ اقْتَضَى تَقْدِيمَ الْكُسُوفِ، بَدَأَ بِهَا، ثُمَّ خَطَبَ لِلْجُمُعَةِ خُطْبَتَيْنِ يَذْكُرُ فِيهِمَا شَأْنَ الْكُسُوفِ، وَلَا تَحْتَاجُ إِلَى أَرْبَعِ خُطَبٍ، وَيَقْصِدُ بِالْخُطْبَتَيْنِ الْجُمُعَةَ خَاصَّةً. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقْصِدَ الْجُمُعَةَ وَالْكُسُوفَ، لِأَنَّهُ تَشْرِيكٌ بَيْنَ فَرْضٍ وَنَفْلٍ، بِخِلَافِ الْعِيدِ وَالْكُسُوفِ، فَإِنَّهُ يَقْصِدُهُمَا جَمِيعًا بِالْخُطْبَتَيْنِ، لِأَنَّهُمَا سُنَّتَانِ.
اعْتَرَضَتْ طَائِفَةٌ عَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ: اجْتَمَعَ عِيدٌ وَكُسُوفٌ، وَقَالَتْ: هَذَا مُحَالٌ، فَإِنَّ الْكُسُوفَ لَا يَقَعُ إِلَّا فِي الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ، أَوِ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ فَأَجَابَ الْأَصْحَابُ بِأَجْوِبَةٍ. أَحَدُهَا: أَنَّ هَذَا قَوْلُ الْمُنَجِّمِينَ، وَأَمَّا نَحْنُ، فَنُجَوِّزُ الْكُسُوفَ فِي غَيْرِهِمَا، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. وَقَدْ نُقِلَ مِثْلُ ذَلِكَ، فَقَدْ صَحَّ أَنَّ الشَّمْسَ كُسِفَتْ يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَرَوَى الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ فِي (الْأَنْسَابِ) : أَنَّهُ تُوُفِّيَ فِي الْعَاشِرِ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ. وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِثْلَهُ عَنِ الْوَاقِدِيِّ. وَكَذَا اشْتُهِرَ أَنَّ قَتْلَ الْحُسَيْنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ. وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي قُبَيْلٍ أَنَّهُ لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ، كُسِفَتِ الشَّمْسُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute