قُلْتُ: لَيْسَ هَذَا كَالْقِرَاضِ فَإِنَّ مُعْظَمَ الِاعْتِمَادِ هُنَا فِي الْعِتْقِ عَلَى التَّعْلِيقِ، وَهَذَا اللَّفْظُ لَا يَصْلُحُ لَهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوْ تَطَوَّعَ رَجُلٌ بِأَدَاءِ مَالِ الْكِتَابَةِ، فَهَلْ يُجْبَرُ السَّيِّدُ عَلَى الْقَبُولِ، أَمْ لَهُ الْفَسْخُ؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا: لَهُ الْفَسْخُ، وَبِهِ قَطَعَ الْإِمَامُ. وَإِذَا قَبِلَ، فَفِي وُقُوعِهِ عَنِ الْمُكَاتَبِ إِذَا كَانَ بِإِذْنِهِ وَجْهَانِ، الْقِيَاسُ: الْوُقُوعُ.
وَإِذَا مَاتَ الْمُكَاتَبُ رَقِيقًا، أَوْ فَسَخَ السَّيِّدُ الْكِتَابَةَ لِعَجْزِهِ رَقَّ كُلُّ مَنْ يُكَاتِبُ عَلَيْهِ وَالِدٌ وَوَلَدٌ، وَصَارُوا جَمِيعًا لِلسَّيِّدِ، وَجَمِيعُ مَا فِي يَدِهِ مِنَ الْمَالِ لِلسَّيِّدِ إِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَإِنْ كَانَ فَسَنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
فَرْعٌ
إِذَا قَهَرَ السَّيِّدُ الْمُكَاتَبَ، وَاسْتَعْمَلَهُ مُدَّةً لَزِمَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ. ثُمَّ إِذَا جَاءَ الْمَحَلُّ، هَلْ يَلْزَمُ إِمْهَالُهُ مِثْلَ تِلْكَ الْمُدَّةِ، أَمْ لَهُ تَعْجِيزُهُ وَالْفَسْخُ؟ قَوْلَانِ.
أَظْهَرُهُمَا: الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ بَدَلَ مَنَافِعِهِ. وَلَوْ حَبَسَهُ عَنِ السَّيِّدِ، فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا إِمْهَالَ، وَأَجْرَاهُ الْعِرَاقِيُّونَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ. وَقَدْ ذَكَرْنَا الْمَسْأَلَةَ فِيمَا لَوْ أَسَرَ الْكُفَّارُ مُكَاتَبًا مُدَّةً [ثُمَّ] اسْتَنْقَذْنَاهُ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: فِيمَا إِذَا انْضَمَّ إِلَى النُّجُومِ دُيُونٌ عَلَى الْمُكَاتَبِ لِسَيِّدِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ، أَوْ لَهُ وَلِغَيْرِهِ. وَفِيهَا صُوَرٌ.
الْأُولَى: كَانَ لِلسَّيِّدِ مَعَ النُّجُومِ دَيْنُ مُعَاوَضَةٍ، أَوْ أَرْشُ جِنَايَةٍ، فَإِنْ تَرَاضَيَا بِتَقْدِيمِ الدَّيْنِ، فَذَاكَ، وَإِنْ تَرَاضَيَا بِتَقْدِيمِ النُّجُومِ عَتَقَ.
ثُمَّ الْمَذْهَبُ أَنَّ الدَّيْنَ الْآخَرَ لَا يَسْقُطُ، فَلِلسَّيِّدِ مُطَالَبَتُهُ بِهِ. وَلَوْ كَانَ مَا فِي يَدِهِ وَافِيًا بِالنُّجُومِ دُونَ الدَّيْنِ، فَإِذَا أَدَّاهُ عَنِ النُّجُومِ بِإِذْنِ السَّيِّدِ، فَالْحُكْمُ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَلِلسَّيِّدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute