للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَجِيءُ فِيهِ الْخِلَافُ فِي إِعْتَاقِ الْجَانِي؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ يَحْصُلُ بِالصِّفَةِ السَّابِقَةِ عَلَى الْجِنَايَةِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ عَلَّقَ عِتْقَ عَبْدِهِ بِصِفَةٍ، ثُمَّ جَنَى فَإِنَّ الْجِنَايَةَ لَا تَمْنَعُ وُقُوعَ الْعِتْقِ بِالتَّعْلِيقِ السَّابِقِ بِلَا خِلَافٍ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَدَّمَ دَيْنُ الْمُعَامَلَةِ، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ جَعَلَهُ فِي الْأَرْشِ، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ صَرَفَهُ فِي النُّجُومِ.

وَسَيَظْهَرُ وَجْهُ هَذَا التَّرْتِيبِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَإِنْ حُجِرَ عَلَيْهِ تَوَلَّى قِسْمَةَ مَا فِي يَدِهِ.

وَفِي كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ وَجْهَانِ، وَيُقَالُ: قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا: يُقَسَّمُ عَلَى قَدْرِ الدُّيُونِ، وَأَصَحُّهُمَا يُقَدَّمُ دَيْنُ الْمُعَامَلَةِ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِمَا فِي يَدِهِ خَاصَّةً وَلِلْأَرْشِ مُتَعَلَّقٌ آخَرُ، وَهُوَ الرَّقَبَةُ، وَكَذَا حَقُّ السَّيِّدِ بِتَقْدِيرِ الْعَجْزِ يَعُودُ إِلَى الرَّقَبَةِ، وَيُسَوَّى بَيْنَ النَّقْدِ وَالْعَرْضِ، ثُمَّ يُقَدَّمُ أَرْشُ الْجِنَايَةِ عَلَى النُّجُومِ؛ لِأَنَّ الْأَرْشَ مُسْتَقِرٌّ، وَالنُّجُومُ [مُعَرَّضَةٌ] لِلسُّقُوطِ.

وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: لَا خِلَافَ أَنَّ هَذَا الثَّانِيَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَإِنَّمَا الْأَوَّلُ إِذَا رَضُوا بِالتَّسْوِيَةِ، فَإِنْ عَجَّزَ الْمُكَاتَبُ نَفْسَهُ سَقَطَتِ النُّجُومُ.

وَفِي دَيْنِ الْمُعَامَلَةِ لِلسَّيِّدِ وَجْهَانِ.

أَصَحُّهُمَا: يَسْقُطُ أَيْضًا وَيُصْرَفُ مَا فِي يَدِهِ إِلَى دُيُونِ الْأَجَانِبِ مِنْ مُعَامَلَةٍ وَأَرْشٍ، فَإِنْ لَمْ يَفِ بِالنَّوْعَيْنِ، فَهَلْ تُقَدَّمَ الْمُعَامَلَةُ أَمِ الْأَرْشُ أَمْ يُسَوَّى بَيْنَهُمَا؟ أَوْجُهٌ، أَصَحُّهَا عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ، وَالْغَزَالِيِّ وَنَحْوِهِمَا: الثَّالِثُ.

ثُمَّ مَا تَبَقَّى مِنْ دَيْنِ الْمُعَامَلَةِ يُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ، وَمَا تَبَقَّى مِنَ الْأَرْشِ يَتَعَلَّقُ بِالرَّقَبَةِ يُبَاعُ فِيهِ.

وَلَوْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ قِسْمَةِ مَا فِي يَدِهِ، انْفَسَخَتِ الْكِتَابَةُ، وَسَقَطَتِ النُّجُومُ.

قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ، وَابْنُ الصَّبَّاغِ: تَسْقُطُ الْأُرُوشُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالرَّقَبَةِ، وَقَدْ فَاتَتْ، وَبِمَا فِي يَدِهِ بِحُكْمِ الْكِتَابَةِ وَقَدْ بَطَلَتْ، فَعَلَى هَذَا يَتَعَيَّنُ صَرْفُ مَا خَلَّفَهُ إِلَى الْمُعَامَلَةِ.

وَقَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ وَالْإِمَامُ وَالْبَغَوِيُّ:

<<  <  ج: ص:  >  >>