للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: يَسْتَوْفِي مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِأَنَّ أَحَدَ غَرِيمَيْهِ أَوْفَاهُ دَيْنَهُ، وَمَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ، وَحَلَفَ الْوَارِثُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَإِنَّهُ يَسْتَوْفِي الدَّيْنَيْنِ جَمِيعًا.

وَحَكَى ابْنُ الصَّبَّاغِ تَوَقُّفَ الْعِتْقِ عَلَى أَدَاءِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: وَعِنْدِي أَنَّهُ إِنِ اسْتَوْفَى الْمَالَانِ، فَقَالَا: نُؤَدِّي مَا عَلَى أَحَدِنَا، أَوِ اخْتَلَفَا، فَقَالَا: نُؤَدِّي الْأَكْثَرَ لِيُعْتَقَ، كَانَ لَهُمَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمَا بِأَدَائِهِ قَدْ أَدَّيَا جَمِيعَ مَا عَلَيْهِمَا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَبِهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا، هَكَذَا رَتَّبَ الْجُمْهُورُ الْمَسْأَلَةَ.

وَقَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ: لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُكَاتَبَيْنِ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى الْوَارِثِ تَوْفِيَةَ النُّجُومِ إِلَى الْمُورَثِ أَوْ إِبْرَاءَهُ لَهُ، وَأَنْ يُحَلِّفَهُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، فَإِذَا حَلَفَ هَلْ يُقْرَعُ؟ قَوْلَانِ.

أَظْهَرُهُمَا: نَعَمْ، فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ، فَهُوَ حُرٌّ، وَعَلَى الْآخَرِ أَدَاءُ النُّجُومِ.

وَإِنْ قُلْنَا: لَا يُقْرَعُ، قَالَ الْإِمَامُ: الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْقِيَاسُ التَّوَقُّفُ إِلَى الِاصْطِلَاحِ، أَوِ الْبَيَانِ، أَوْ بَيِّنَةٍ، وَيَنْقَدِحُ أَنْ يُقَالَ: لِلْوَارِثِ تَعْجِيزُهُمَا، فَإِنَّهُمَا مُمْتَنِعَانِ مِنَ الْأَدَاءِ وَأَحَدُهُمَا مُكَاتَبٌ، وَحِينَئِذٍ فَأَحَدُهُمَا حُرٌّ، وَالْآخَرُ رَقِيقٌ، فَيُقْرَعُ، وَالْمَذْهَبُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنِ الْجُمْهُورِ.

وَلَوْ أَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ بَعْضِ نُجُومِ أَحَدِهِمَا، وَلَمْ يُبَيِّنْ، فَلَا قُرْعَةَ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يَحْصُلُ بِهِ، بَلْ يُوقَفُ الْأَمْرُ. وَلَوِ ادَّعَى أَحَدُ الْمُكَاتَبَيْنِ عَلَى الْوَارِثِ الْأَدَاءَ أَوِ الْإِبْرَاءَ، فَأَنْكَرَ حَصَلَ بِإِنْكَارِهِ الْإِقْرَارُ لِلْآخَرِ، قَالَهُ الصَّيْدَلَانِيُّ.

قُلْتُ: هَذَا الَّذِي قَالَهُ الصَّيْدَلَانِيُّ فِيمَا إِذَا قَالَ فِي إِنْكَارِهِ: لَسْتَ الْمُؤَدِّيَ. أَمَّا إِذَا قَالَ: لَا أَعْلَمُ وَنَحْوَهُ، فَلَيْسَ مُقِرًّا لِلْآخِرِ بِلَا شَكٍّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>