بِالْقَدِيمِ فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ الصَّحِيحُ: بَقَاءُ الْكِتَابَةِ، وَيَنْتَقِلُ إِلَى الْمُشْتَرِي مُكَاتَبًا، فَإِذَا أَدَّى إِلَيْهِ النُّجُومَ عَتَقَ وَكَانَ الْوَلَاءُ لِلْمُشْتَرِي.
وَالثَّانِي: يُعْتَقُ بِالْأَدَاءِ إِلَى الْمُشْتَرِي، وَيَكُونُ الْوَلَاءُ لِلْبَائِعِ، وَيَكُونُ انْتِقَالُهُ بِالشِّرَاءِ كَانْتِقَالِهِ بِالْإِرْثِ.
وَالثَّالِثُ: تَرْتَفِعُ الْكِتَابَةُ بِالْبَيْعِ، فَيَنْتَقِلُ غَيْرَ مُكَاتَبٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
وَلَوْ قَالَ أَجْنَبِيٌّ لِسَيِّدِ الْمُكَاتَبِ: أَعْتِقْ مُكَاتِبَكَ عَلَى كَذَا، أَوْ أَعْتِقْهُ عَنِّي عَلَى كَذَا، أَوْ مَجَّانًا، فَهُوَ كَقَوْلِهِ: أَعْتِقْ مُسْتَوْلِدَتَكَ، وَقَدْ سَبَقَ فِي الْكَفَّارَاتِ وَلَا يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ بَيْعُ مَا فِي يَدِ الْمُكَاتَبِ، وَلَا إِعْتَاقُ عَبِيدِهِ، وَلَا تَزْوِيجُ إِمَائِهِ.
الثَّانِيَةُ: لَا يَصِحُّ بَيْعُ السَّيِّدِ نُجُومَ الْكِتَابَةِ الَّتِي عَلَى الْمُكَاتَبِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَلَا الِاسْتِبْدَالُ عَنْهَا عَلَى الصَّحِيحِ، فَلَوْ بَاعَهَا لَمْ يَجُزْ لِلْمُكَاتَبِ تَسْلِيمُهَا إِلَى الْمُشْتَرِي، وَلَا لِلْمُشْتَرِي مُطَالَبَتُهُ بِهَا، وَيَحْصُلُ الْعِتْقُ بِدَفْعِهَا إِلَى السَّيِّدِ.
وَهَلْ يَحْصُلُ بِدَفْعِهَا إِلَى الْمُشْتَرِي؟ قَالَ فِي «الْمُخْتَصَرِ» : نَعَمْ. وَفِي «الْأُمِّ» : لَا، فَقَالَ الْجُمْهُورُ: قَوْلَانِ.
أَحَدُهُمَا: نَعَمْ؛ لِأَنَّ لِلسَّيِّدِ سُلْطَةً عَلَى الْقَبْضِ، فَأَشْبَهَ الْوَكِيلَ وَأَظْهَرُهُمَا: لَا لِأَنَّهُ يَقْبِضُ لِنَفْسِهِ، حَتَّى لَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ ضَمِنَهُ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ، وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: إِنْ قَالَ عِنْدَ الْبَيْعِ: خُذْهَا مِنْهُ، أَوْ قَالَ لِلْمُكَاتَبِ: ادْفَعْهَا إِلَيْهِ، صَارَ وَكِيلًا، وَعَتَقَ بِقَبْضِهِ، وَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى الْبَيْعِ، فَلَا.
وَيُقَالُ: إِنَّ أَبَا إِسْحَاقَ عَرَضَ هَذَا الْفَرْقَ عَلَى ابْنِ سُرَيْجٍ، فَلَمْ يَعْبَأْ بِهِ.
وَقَالَ: هُوَ وَإِنْ صَرَّحَ بِالْإِذْنِ، فَإِنَّمَا يَأْذَنُ بِحُكْمِ الْمُعَاوَضَةِ لَا بِالْوِكَالَةِ. فَإِنْ قُلْنَا: يُعْتَقُ، فَمَا أَخَذَهُ الْمُشْتَرِي يُعْطِيهِ لِلسَّيِّدِ؛ لِأَنَّا جَعَلْنَاهُ كَتَوْكِيلِهِ.
وَإِنْ قُلْنَا: لَا يُعْتَقُ، فَالسَّيِّدُ يُطَالِبُ الْمُكَاتَبَ، وَالْمُكَاتَبُ يَسْتَرِدُّ مِنَ الْمُشْتَرِي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute