السَّيِّدُ قَبْلَ عَجْزِهَا عَتَقَتْ. قَالَ الْبَغَوِيُّ: وَيَتْبَعُهَا كَسْبُهَا. وَهَلْ يُعْتِقُ عَنِ الْكِتَابَةِ أَمْ عَنِ الِاسْتِيلَادِ؟ وَجْهَانِ.
أَصَحُّهُمَا: الْأَوَّلُ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ السَّيِّدُ الْمُكَاتَبَ، أَو أَبْرَأَهُ عَنِ النُّجُومِ، فَعَلَى هَذَا الْأَوْلَادُ الْحَادِثُونَ بَعْدَ الْكِتَابَةِ وَقَبْلَ الِاسْتِيلَادِ، هَلْ يَتْبَعُونَهَا؟ فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ، وَأُجْرِيَ هَذَا الْخِلَافُ فِيمَا لَوْ عُلِّقَ عِتْقُ الْمُكَاتَبِ بِصِفَةٍ، فَوُجِدَتْ قَبْلَ أَدَاءِ النُّجُومِ، وَفِيمَا إِذَا تَقَدَّمَ الِاسْتِيلَادُ عَلَى الْكِتَابَةِ.
قَالَ الْبَغَوِيُّ: وَإِذَا اسْتَوْلَدَ ثُمَّ كَاتَبَ وَأَدَّتِ النُّجُومَ، فَالْكَسْبُ الْحَاصِلُ بَعْدَ الْكِتَابَةِ يَتْبَعُهَا، وَالْحَاصِلُ قَبْلَهَا لِلسَّيِّدِ، وَالْأَوْلَادُ الْحَاصِلُونَ بَعْدَ الِاسْتِيلَادِ يَتْبَعُونَهَا، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى صِحَّةِ كِتَابَةِ الْمُسْتَوْلَدَةِ وَقَدْ سَبَقَ فِيهِ خِلَافٌ.
فَرْعٌ
لَيْسَ لِلسَّيِّدِ وَطْءُ أَمَةِ مُكَاتَبِهِ أَوْ مُكَاتَبَتِهِ، فَإِنْ وَطِئَ فَلَا حَدَّ لِلشُّبْهَةِ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ سَيِّدَهَا، وَيَلْزَمُهُ الْمَهْرُ لِلْمُكَاتَبِ.
وَإِنْ أَوْلَدَهَا فَالْوَلَدُ حُرٌّ نَسِيبٌ، وَتَصِيرُ الْأَمَةُ مُسْتَوْلَدَةً لَهُ. قَالَ فِي «الشَّامِلِ» : يَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا لِسَيِّدِهَا لِأَنَّهَا مِلْكُهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ قِيمَةُ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهَا وَضَعَتْهُ فِي مِلْكِهِ، وَيَجِيءُ فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ.
وَلِلسَّيِّدِ وَطْءُ بِنْتِ الْمُكَاتَبَةِ إِنْ لَمْ يَثْبُتْ حُكْمُ الْمُكَاتَبَةِ فِي وَلَدِ الْمُكَاتَبَةِ، فَإِنْ أَثْبَتْنَاهُ فَلَيْسَ لَهُ وَطْؤُهَا وَلَكِنْ لَا حَدَّ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا الْمَهْرُ فَيُبْنَى عَلَى الْخِلَافِ فِي الْكَسْبِ. إِنْ قُلْنَا: يُصْرَفُ إِلَى السَّيِّدِ فِي الْحَالِ، فَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ، وَإِنْ قُلْنَا: هُوَ لِلْأُمِّ، فَكَذَا الْمَهْرُ.
وَإِنْ قُلْنَا بِالتَّوَقُّفِ أَنْفَقَ مِنْهُ عَلَيْهَا، وَوَقَفَ الْبَاقِي، فَإِنْ عَتَقَتْ بِعِتْقِ الْأُمِّ فَهُوَ لَهَا، وَإِنْ عَجَزَتْ، فَهُوَ لِلسَّيِّدِ.
وَإِنْ أَوْلَدَهَا صَارَتْ مُسْتَوْلَدَةً، وَالْوَلَدُ حُرٌّ نَسِيبٌ، وَلَا يَلْزَمُهُ قِيمَةُ الْمُسْتَوْلَدَةِ لِأُمِّهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُهَا، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لَهَا حَقُّ الْعِتْقِ بِعِتْقِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute