أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ شَيْءٌ مِنْهَا؛ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا مُسْتَوْلَدَةُ الْآخَرِ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ: يَعْتِقُ نِصْفُهَا، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِيَانِ أَبُو الطَّيِّبِ، وَالرُّويَانِيُّ، وَحَكَى ذَلِكَ عَنْ نَصِّهِ فِي «الْأُمِّ» لِأَنَّهُ يَمْلِكُ نِصْفَهَا وَقَدْ أَوْلَدَهَا وَشَكَكْنَا هَلْ سَرَى إِحْبَالُ شَرِيكِهِ إِلَى نَصِيبِهِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ.
الضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَا مُعْسِرَيْنِ، فَلَا ثَمَرَةَ لِلِاخْتِلَافِ، وَالْحُكْمُ كَمَا لَوْ عَرَفَ السَّابِقُ وَهُمَا مُعْسِرَانِ.
وَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا عَتَقَ نَصِيبُهُ، وَوَلَاؤُهُ لِعَصَبَتِهِ. وَإِنْ مَاتَا فَالْوَلَاءُ لِعَصَبَتِهِمَا بِالسَّوِيَّةِ. وَنَقَلَ الرَّبِيعُ فِي «الْأُمِّ» أَنَّ الْوَلَاءَ مَوْقُوفٌ وَإِنْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ.
وَاتَّفَقَ الْجُمْهُورُ أَنَّ هَذَا غَلَطٌ مِنَ الرَّبِيعِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ.
وَقِيلَ: أَرَادَ حَالَةَ الْمَوْتِ فَلَا فَرْقَ حِينَئِذٍ بَيْنَ كَوْنِهِمَا مُوسِرَيْنِ أَوْ مُعْسِرَيْنِ لِمَا سَبَقَ أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ بِحَالَةِ الْإِحْبَالِ.
الضَّرْبُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا، وَالْآخَرُ مُعْسِرًا، فَيَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى نَفْيِ مَا يَدَّعِي عَلَيْهِ وَيَثْبُتُ الِاسْتِيلَادُ لِلْمُوسِرِ فِي نَصِيبِهِ، فَلَا مُنَازَعَةَ، وَهُمَا مُتَنَازِعَانِ فِي نَصِيبِ الْمُعْسِرِ، فَنِصْفُ نَفَقَتِهَا عَلَى الْمُوسِرِ، وَنِصْفُهَا بَيْنَهُمَا، ثُمَّ إِنْ مَاتَ الْمُوسِرُ أَوَّلًا عَتَقَ نَصِيبُهُ وَوَلَاؤُهُ لِوَرَثَتِهِ، وَإِذَا مَاتَ الْمُعْسِرُ بَعْدَهُ عَتَقَ نَصِيبُهُ، وَوَلَاؤُهُ مَوْقُوفٌ بَيْنَهُمَا.
وَإِنْ مَاتَ الْمُعْسِرُ أَوَّلًا لَمْ يَعْتِقْ مِنْهَا شَيْءٌ، فَإِذَا مَاتَ الْمُوسِرُ بَعْدَهُ، عَتَقَتْ كُلُّهَا وَوَلَاءُ نِصْفِهَا لِوَرَثَتِهِ وَوَلَاءُ النِّصْفِ الْآخَرِ مَوْقُوفٌ، قَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ: هَذَا إِذَا قُلْنَا لَا تَتَوَقَّفُ سِرَايَةُ الِاسْتِيلَادِ عَلَى أَدَاءِ الْقِيمَةِ، فَإِنْ قُلْنَا: يَتَوَقَّفُ هُنَا الْأَدَاءُ، فَتَكُونُ الْجَارِيَةُ هُنَا مُسْتَوْلَدَتَهُمَا، وَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا بِلَا وَقْفٍ، أَمَّا لَوْ كَانَ الِاخْتِلَافُ عَكْسَهُ، فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ لِلْآخَرِ: أَنْتَ وَطِئْتَ أَوَّلًا، فَسَرَى إِلَى نَصِيبِي وَهُمَا مُوسِرَانِ، فَقَالَ الْبَغَوِيُّ: يَتَحَالَفَانِ ثُمَّ نَفَقَتُهَا عَلَيْهِمَا، وَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا لِمَنْ يَعْتِقُ نَصِيبُهُ؛ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْآخَرَ سَبَقَهُ بِالِاسْتِيلَادِ، وَيَعْتِقُ نَصِيبُ الْحَيِّ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِأَنَّ الْمَيِّتَ أَوْلَدَ أَوَّلًا، ثُمَّ سَرَى إِلَى نَصِيبِهِ، وَعَتَقَ بِمَوْتِهِ، وَوَلَاءُ ذَلِكَ النِّصْفِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute