عَبْدًا لَهُ فَلَهُ أَنْ يَقْتَصَّ، وَهَلْ لَهُ أَنْ يَبِيعَ ابْنَهُ وَأَبَاهُ إِذَا كَانَا فِي مِلْكِهِ وَجَنَيَا عَلَى عَبْدٍ آخَرَ لَهُ جِنَايَةٌ تُوجِبُ الْمَالَ؟ وَجْهَانِ.
أَصَحُّهُمَا: الْمَنْعُ، وَهُوَ نَصُّهُ فِي «الْأُمِّ» أَمَّا إِذَا جَنَى عَبْدُ الْمُكَاتَبِ [عَلَى الْمُكَاتَبِ] فَلَهُ الِاقْتِصَاصُ بِغَيْرِ إِذْنِ السَّيِّدِ، فَإِنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ خَطَأً، أَوْ عَفَا عَلَى مَالٍ، لَمْ يَجِبْ إِذْ لَا يَثْبُتُ لِسَيِّدِهِ عَلَى عَبْدِهِ مَالٌ وَإِنْ جَنَى عَلَى سَيِّدِ سَيِّدِهِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ جَنَى عَلَى أَجْنَبِيٍّ، فَيُبَاعُ فِي الْأَرْشِ إِلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ الْمُكَاتَبُ.
الرَّابِعَةُ: الْجِنَايَةُ عَلَى الْمُكَاتَبِ إِنْ كَانَتْ عَلَى طَرَفِهِ، فَلَهُ الِاقْتِصَاصُ، وَلَا يُشْتَرَطُ إِذْنُ السَّيِّدِ عَلَى الْمَشْهُورِ، ثُمَّ إِنِ اقْتَصَّ فَذَاكَ وَإِنْ عَفَا عَلَى مَالٍ ثَبَتَ الْمَالُ، لَكِنْ إِنْ كَانَ دُونَ أَرْشِ الْجِنَايَةِ فَقَدْرُ الْمُحَابَاةِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْجَمِيعِ إِذَا عَفَا مَجَّانًا، وَسَنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَإِنْ عَفَا مُطْلَقًا، فَإِنْ قُلْنَا: مُوجِبُ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ، أَوْ قُلْنَا: يُوجِبُ الْقِصَاصَ، وَلَكِنَّ مُطْلَقَ الْعَفْوِ يُوجِبُ الْمَالَ ثَبَتَ الْأَرْشُ.
وَإِنْ قُلْنَا: يُوجِبُ الْقِصَاصَ، وَمُطْلَقُ الْعَفْوِ لَا يُوجِبُ الْمَالَ لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ، وَإِنْ عَفَا مَجَّانًا سَقَطَ الْقِصَاصُ، ثُمَّ إِنْ قُلْنَا: مُوجِبُ الْعَمْدِ الْقِصَاصُ لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ، وَإِنْ قُلْنَا: مُطْلَقُ الْعَفْوِ لَا يُوجِبُ الْمَالَ، وَإِنْ قُلْنَا: يُوجِبُهُ، فَوَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا: يَجِبُ الْمَالُ إِنْ عَفَا بِغَيْرِ إِذْنِ السَّيِّدِ، وَبِإِذْنِهِ قَوْلَانِ، كَتَبَرُّعِهِ.
وَالثَّانِي: لَا يَجِبُ شَيْءٌ وَإِنْ عَفَا بِغَيْرِ إِذْنِهِ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَا تُوجِبُ الْمَالَ، وَإِنَّمَا تُثْبِتُهُ إِذَا اخْتَارَهُ أَوْ عَفَا مُطْلَقًا عَلَى قَوْلٍ، فَإِذَا عَفَا مَجَّانًا، فَقَدْ تَرَكَ الِاكْتِسَابَ بِالْعَفْوِ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْكَسْبِ، وَإِنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ مُوجِبَةً لِلْمَالِ لَمْ يَصِحَّ عَفْوُهُ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ وَبِإِذْنِهِ قَوْلَانِ.
وَحَيْثُ ثَبَتَ الْمَالُ بِالْجِنَايَةِ عَلَى طَرَفِهِ فَهُوَ لِلْمُكَاتَبِ يَسْتَعِينُ بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute