للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمَا يَقْدِرُ عَلَى إِنْشَائِهِ، وَفِي كِتَابِ ابْنِ كَجٍّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: بِعْتُ هَذِهِ السِّلْعَةَ وَهَذَا ثَمَنُهَا قُبِلَ إِقْرَارُهُ، وَإِنْ قَالَ: بِعْتُهَا، وَتَلِفَ الثَّمَنُ فِي يَدِي، فَفِي الْقَبُولِ قَوْلَانِ.

وَإِنْ أَقَرَّ بِدَيْنِ جِنَايَةٍ، فَهَلْ يُقْبَلُ فِي حَقِّ السَّيِّدِ؟ قَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا عِنْدَ الْبَغَوِيِّ: نَعَمْ، وَيُؤَدِّي مِمَّا فِي يَدِهِ كَدَيْنِ الْمُعَامَلَةِ، وَلَكِنْ لَوْ كَانَ مَا أَقَرَّ بِهِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ لَمْ يَلْزَمْ إِلَّا قَدْرُ قِيمَتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ شَيْءٌ بِيعَ فِي دَيْنِ الْجِنَايَةِ.

وَالثَّانِي وَبِهِ قَطَعَ جَمَاعَةٌ: لَا يُقْبَلُ فِي حَقِّ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّطْ عَلَيْهِ بِعَقْدِ الْكِتَابَةِ، فَإِنْ قَبِلْنَا إِقْرَارَهُ، فَعَجَزَ قَبْلَ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ، فَهَلْ يُبَاعُ فِيهِ أَمْ لَا يُبَاعُ وَيَكُونُ فِي ذِمَّتِهِ إِلَى أَنْ يُعْتَقَ؟ قَوْلَانِ.

وَلَا يُقْبَلُ إِقْرَارُ السَّيِّدِ عَلَى الْمُكَاتَبِ بِالْجِنَايَةِ، لَكِنْ لَوْ عَجَزَ أُلْزِمَ السَّيِّدُ بِإِقْرَارِهِ، وَلَوْ قَالَ: كَانَ جَنَى قَبْلَ الْكِتَابَةِ، لَمْ يُقْبَلْ عَلَى الْمُكَاتَبَةِ أَيْضًا لِخُرُوجِهِ عَنْ يَدِهِ بِالْكِتَابَةِ.

وَلَوْ مَاتَ سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ فَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الْكِتَابَةَ تَبْقَى، فَإِنْ لَمْ يُعْتَقْ بِالْأَدَاءِ إِلَى الْوَارِثِ، فَلَوْ كَانَ لَهُ وَارِثَانِ، لَمْ يُعْتَقْ إِلَّا بِأَدَاءِ حَقِّهِمَا، فَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا لَمْ يُعْتَقْ إِلَّا بِالدَّفْعِ إِلَى وَلِيِّهِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ وَصِيَّانِ، لَمْ يُعْتَقْ إِلَّا بِالدَّفْعِ إِلَيْهِمَا إِلَّا إِذَا أَثْبَتَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الِاسْتِقْلَالَ.

فَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ وَأَوْصَى بِوَصَايَا، فَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ وَصِيًّا فِي قَضَاءِ الدُّيُونِ، وَتَنْفِيذِ الْوَصَايَا عَتَقَ بِالدَّفْعِ إِلَيْهِ، وَإِلَّا فَيَجْمَعُ بَيْنَ الْوَصِيِّ وَالْوَرَثَةِ وَيَدْفَعُ إِلَيْهِمْ، فَإِنْ لَمْ يُوصِ إِلَى أَحَدٍ قَامَ الْقَاضِي مَقَامَ الْوَصِيِّ، وَلَوْ دَفَعَ إِلَى الْغَرِيمِ لَمْ يُعْتَقْ، وَإِنْ دَفَعَ إِلَى الْوَارِثِ فَإِنْ قَضَى الدُّيُونَ وَالْوَصَايَا عَتَقَ، وَإِلَّا وَجَبَ الضَّمَانُ عَلَى الْمُكَاتَبِ، وَلَمْ يَعْتِقْ، هَكَذَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ.

وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: إِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُسْتَغْرِقًا لِلتَّرِكَةِ بَرِئَ الْمُكَاتَبُ بِالدَّفْعِ إِلَى الْغَرِيمِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَوْصَى بِالنُّجُومِ لِإِنْسَانٍ، عَتَقَ بِالدَّفْعِ إِلَيْهِ، وَإِنْ أَوْصَى بِهَا لِلْفُقَرَاءِ أَوِ الْمَسَاكِينِ دَفَعَهَا إِلَى مَنْ أَوْصَى إِلَيْهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>