وَهَلْ لِلْكَافِرِ تَزْوِيجُهَا إِذَا جَوَّزْنَا تَزْوِيجَ الْمُسْتَوْلَدَةِ؟ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الصَّيْدَلَانِيُّ، أَصَحُّهُمَا: لَا، وَبِهِ قَطَعَ الْقَفَّالُ؛ لِانْقِطَاعِ الْمُوَالَاةِ.
وَالثَّانِي: نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ بِالْمِلْكِ. وَعَلَى الْأَوَّلِ. قِيلَ: لَا يُزَوِّجُهَا الْقَاضِي أَيْضًا. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: يُزَوِّجُهَا الْقَاضِي إِذَا أَرَادَتْهُ وَالْمَهْرُ لِلسَّيِّدِ، وَكَذَا يُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ إِذَا أَرَادَ السَّيِّدُ تَزْوِيجَهَا، وَإِنْ كَرِهَتْ هِيَ، فَتَصِيرُ النَّفَقَةُ عَلَى الزَّوْجِ.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: وَهِيَ أَحَقُّ بِحَضَانَةِ الْوَلَدِ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ، فَإِذَا تَزَوَّجَتْ صَارَ الْأَبُ أَحَقَّ بِالْوَلَدِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُمَيِّزًا فَيَخَافُ أَنْ يَفْتِنَهُ عَنْ دِينِهِ فَلَا يُتْرَكُ عِنْدَهُ.
قُلْتُ: الصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ: أَنَّهُ لَا حَضَانَةَ لِكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ، كَمَا سَبَقَ فِي الْحَضَانَةِ، وَلَا حَضَانَةَ هُنَا لِلْأَبِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ
فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ: أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَوْلَدَ جَارِيَةَ ابْنِهِ الْحُرِّ لَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَيَثْبُتُ النَّسَبُ دُونَ الِاسْتِيلَادِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْمِلْكِ، وَأَنَّ الْمُكَاتَبَ إِذَا أَوْلَدَ جَارِيَةَ ابْنِهِ الْحُرِّ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَبْنِي ثُبُوتَ الِاسْتِيلَادِ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّهُ إِذَا أَوْلَدَ جَارِيَةَ نَفْسِهِ هَلْ يَثْبُتُ؟ وَأَنَّ مَنْ وَطِئَ جَارِيَةَ بَيْتِ الْمَالِ يُحَدُّ وَلَا نَسَبَ، وَلَا اسْتِيلَادَ، وَسَوَاءٌ فِي هَذَا الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ الْإِعْفَافُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ.
وَأَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَ مُسْتَوْلَدَتَهُ عَلَى مَالٍ، يَجُوزُ. وَلَوْ بَاعَهَا نَفْسَهَا صَحَّ عَلَى الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْعَبْدِ نَفْسَهُ إِعْتَاقٌ عَلَى الْحَقِيقَةِ.
إِذَا أَوْلَدَ جَارِيَتَهُ الْمُحَرَّمَةَ عَلَيْهِ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ لَزِمَهُ الْحَدُّ فِي قَوْلٍ، وَالتَّعْزِيرُ عَلَى الْأَظْهَرِ.
وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ يَكُونُ الْوَلَدُ حُرًّا نِسْبِيًّا، وَتَصِيرُ هِيَ مُسْتَوْلَدَةً، قَالَ الْأَصْحَابُ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -: وَلَا يُتَصَوَّرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute