قُلْتُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَالْأَصْحَابُ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى -: إِذَا تَرَكَ الْإِمَامُ الِاسْتِسْقَاءَ، لَمْ يَتْرُكْهُ النَّاسُ. وَلَوْ خَطَبَ قَبْلَ الصَّلَاةِ، قَالَ صَاحِبُ (التَّتِمَّةِ) : يَجُوزُ وَتَصِحُّ الْخُطْبَةُ وَالصَّلَاةُ، وَيَحْتَجُّ لَهَا بِمَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الصَّرِيحِ فِي (سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ) وَغَيْرِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطَبَ ثُمَّ صَلَّى. وَفِي صَحِيحَيِ (الْبُخَارِيِّ) وَ (مُسْلِمٍ) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ يَسْتَسْقِي فَدَعَا، وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ. قَالَ أَصْحَابُنَا: وَإِذَا كَثُرَتِ الْأَمْطَارُ وَتَضَرَّرَتْ بِهَا الْمَسَاكِنُ وَالزُّرُوعُ، فَالسُّنَّةُ أَنْ يَسْأَلُوا اللَّهَ تَعَالَى دَفْعَهُ (اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا) . قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ: وَلَا يُشْرَعُ لِذَلِكَ صَلَاةٌ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْرُزَ لِأَوَّلِ مَطَرٍ يَقَعُ فِي السَّنَةِ وَيَكْشِفَ مِنْ بَدَنِهِ مَا عَدَا عَوْرَتَهُ لِيُصِيبَهُ الْمَطَرُ، وَأَنْ يَغْتَسِلَ فِي الْوَادِي إِذَا سَالَ، أَوْ يَتَوَضَّأَ، وَيُسَبِّحَ عِنْدَ الرَّعْدِ وَالْبَرْقِ، وَلَا يُتْبِعَ بَصَرَهُ الْبَرْقَ. وَالسُّنَّةُ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ نُزُولِ الْمَطَرِ: (اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي (صَحِيحِهِ) . وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ مَاجَهْ: (سَيِّبًا نَافِعًا) مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، فَيُسْتَحَبُّ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا. وَقَدْ أَوْضَحْتُ ذَلِكَ مَعَ زَوَائِدَ وَنَفَائِسَ تَتَعَلَّقُ بِهِ فِي كِتَابِ (الْأَذْكَارِ) الَّذِي لَا يَسْتَغْنِي مُتَدَيِّنٌ عَنْ مَعْرِفَةِ مِثْلِهِ. وَيُكْرَهُ سَبُّ الرِّيحِ، فَإِنْ كَرِهَهَا، سَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى الْخَيْرَ، وَاسْتَعَاذَ مِنَ الشَّرِّ. وَفِي (صَحِيحِ مُسْلِمٍ) أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
[كَانَ] إِذَا عَصَفَتِ الرِّيحُ قَالَ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا، وَخَيْرَ مَا فِيهَا، وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا، وَشَرِّ مَا فِيهَا، وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ) وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ الْمَطَرِ: (مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ) . وَيُسْتَحَبُّ الدُّعَاءُ عِنْدَ نُزُولِ الْمَطَرِ، وَيَشْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى عَلَيْهِ. وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا، فَإِنِ اعْتَقَدَ أَنَّ النَّوْءَ هُوَ الْمُمْطِرُ الْفَاعِلُ حَقِيقَةً، كَفَرَ فَصَارَ مُرْتَدًّا. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute