قُلْتُ: وَيُلْحَقُ بِالثَّلَاثَةِ، الْمَالُ الَّذِي ثَبَتَ فِيهِ حَقُّ الرُّجُوعِ بِإِفْلَاسِ الْمَيِّتِ. وَقَدْ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي أَوَّلِ الْفَرَائِضِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
فَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ مَالًا، فَكَفَنُهُ عَلَى مَنْ هُوَ فِي نَفَقَتِهِ، فَعَلَى الْقَرِيبِ كَفَنُ قَرِيبِهِ، وَعَلَى السَّيِّدِ كَفَنُ عَبْدِهِ، وَأُمِّ وَلَدِهِ، وَمَكَاتَبِهِ، وَسَوَاءٌ فِي أَوْلَادِهِ كَانُوا صِغَارًا، أَوْ كِبَارًا، تَجِبُ عَلَيْهِ أَكْفَانُهُمْ، لِأَنَّهُمْ عَاجِزُونَ بِالْمَوْتِ، وَنَفَقَةُ عَاجِزِهِمْ وَاجِبَةٌ. وَيَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ كَفَنُهَا، وَمُؤْنَةُ تَجْهِيزِهَا عَلَى الْأَصَحِّ. فَعَلَى هَذَا، لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلزَّوْجِ مَالٌ، فَفِي مَالِهَا. أَمَّا إِذَا لَمْ يَتْرُكِ الْمَيِّتُ مَالًا، وَلَا كَانَ لَهُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ، فَيَجِبُ كَفَنُهُ وَمُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ، كَنَفَقَتِهِ. وَهَلْ يُكَفَّنُ مِنْهُ بِثَوْبٍ وَاحِدٍ، أَمْ بِثَلَاثَةٍ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: بِثَوْبٍ. فَإِنْ قُلْنَا: ثَوْبٌ، فَلَوْ تَرَكَ ثَوْبًا لَمْ يُزَدْ مِنْ بَيْتِ مَالٍ، وَإِنْ قُلْنَا: ثَلَاثَةٌ، كَمُلَتْ عَلَى الْأَصَحِّ. وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَالِ مَالٌ، فَعَلَى عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ الْكَفَنُ وَمُؤْنَةُ التَّجْهِيزِ.
قُلْتُ: قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ: إِذَا مَاتَ وَهُوَ فِي نَفَقَةِ غَيْرِهِ، هَلْ يَلْزَمُهُ تَكْفِينُهُ بِثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ، أَمْ بِثَوْبٍ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: ثَوْبٌ. وَقَطَعَ هُوَ وَصَاحِبُ (التَّهْذِيبِ) بِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَالِ مَالٌ، وَلَزِمَ الْمُسْلِمِينَ تَكْفِينُهُ، لَا يَجِبُ أَكْثَرُ مِنْ ثَوْبٍ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
فَرْعٌ
قَدَّمْنَا أَنَّ الْأَفْضَلَ فِي كَفَنِ الرَّجُلِ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ. فَلَوْ زِيدَ إِلَى خَمْسَةٍ، جَازَ، وَلَا يُسْتَحَبُّ. وَيُسْتَحَبُّ تَكْفِينُ الْمَرْأَةِ فِي خَمْسَةٍ، وَالْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ، وَالزِّيَادَةُ عَلَى الْخَمْسَةِ مَكْرُوهَةٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute