للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأَمَّا ثَالِثُهَا، وَهُوَ الدُّعَاءُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، فَمُسْتَحَبٌّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَحَكَى إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِيهِ تَرَدُّدًا لِلْأَئِمَةِ.

قُلْتُ: وَلَا يُشْتَرَطُ تَرْتِيبُ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ، لَكِنَّهُ أَوْلَى. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

وَمِنَ الْمَسْنُونَاتِ: إِكْثَارُ الدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ فِي الثَّالِثَةِ، وَيَقُولُ: (اللَّهُمَّ هَذَا عَبْدُكَ، وَابْنُ عَبْدَيْكَ، خَرَجَ مِنْ رُوحِ الدُّنْيَا وَسِعَتِهَا وَمَحْبُوبِهِ وَأَحِبَّائِهِ فِيهَا، إِلَى ظُلْمَةِ الْقَبْرِ وَمَا هُوَ لَاقِيهِ، كَانَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ، وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ، اللَّهُمَّ نَزَلَ بِكَ وَأَنْتَ خَيْرُ مَنْزُولٍ بِهِ، وَأَصْبَحَ فَقِيرًا إِلَى رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ غَنِيٌّ عَنْ عَذَابِهِ، وَقَدْ جِئْنَاكَ رَاغِبِينَ إِلَيْكَ، شُفَعَاءَ لَهُ، اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ مُحْسِنًا فَزِدْ فِي إِحْسَانِهِ، وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا فَتَجَاوَزْ عَنْهُ، وَلَقِّهِ بِرَحْمَتِكَ رِضَاكَ، وَقِهِ فِتْنَةَ الْقَبْرِ وَعَذَابَهُ، وَأَفْسِحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ، وَجَافِ الْأَرْضَ عَنْ جَنْبَيْهِ، وَلَقِّهِ بِرَحْمَتِكَ الْأَمْنَ مِنْ عَذَابِكَ حَتَّى تَبْعَثَهُ إِلَى جَنَّتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ) . هَذَا نَصُّ الشَّافِعِيِّ فِي (الْمُخْتَصَرِ) . وَفِيهَا دُعَاءٌ آخَرُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ أَهْلِ خُرَاسَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ قَالَ: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا، وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا، وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا، وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا، اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَهُ عَلَى الْإِيمَانِ) فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ امْرَأَةً، قَالَ: (اللَّهُمَّ هَذِهِ أَمَتُكَ وَبِنْتُ عَبْدَيْكَ) وَيُؤَنِّثُ الْكِنَايَاتِ.

قُلْتُ: وَلَوْ ذَكَّرَهَا عَلَى إِرَادَةِ الشَّخْصِ، لَمْ يَضُرَّ. قَالَ الْبُخَارِيُّ، وَسَائِرُ الْحُفَّاظِ: أَصَحُّ دُعَاءِ الْجِنَازَةِ، حَدِيثُ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ فِي (صَحِيحِ مُسْلِمٍ) وَهُوَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فَقَالَ: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، وَارْحَمْهُ، وَعَافِهِ، وَاعْفُ عَنْهُ، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ، وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّهِ مِنَ الْخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الْأَبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، وَأَبْدِلْهِ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ، وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ، وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ، وَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ، وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَفِتْنَتِهِ، وَمِنْ عَذَابِ النَّارِ) . - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

<<  <  ج: ص:  >  >>