للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى الْأَصَحِّ. وَعَلَى الثَّانِي: هَذَا مَعَ مَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ فِي الْأُضْحِيَّةِ. وَلَوْ مَلَكَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ بَعِيرًا مَعِيبَةً، وَفِيهَا بِنْتَا مَخَاضٍ إِحْدَاهُمَا مِنْ أَجْوَدِ الْمَالِ مَعَ عَيْبِهَا، وَالثَّانِيَةُ دُونَهَا، فَهَلْ يَأْخُذُ الْأَجْوَدَ كَالْأَغْبَطِ فِي الْحِقَاقِ وَبَنَاتِ اللَّبُونِ أَمِ الْوَسَطَ؟ وَجْهَانِ، الصَّحِيحُ: الثَّانِي.

وَأَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْمُخْتَصَرِ: وَيَأْخُذُ خَيْرَ الْمَعِيبِ، فَاتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَى أَنَّهُ مُؤَوَّلٌ، وَالْمُرَادُ: يَأْخُذُ مِنْ وَسَطِهِ.

النَّقْصُ الثَّالِثُ: الذُّكُورَةُ، فَإِذَا تَمَحَّضَتِ الْإِبِلُ إِنَاثًا، أَوِ انْقَسَمَتْ ذُكُورًا وَإِنَاثًا، لَمْ يُجْزِئْ عَنْهَا الذَّكَرُ إِلَّا فِي خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ، فَإِنَّهُ يُجْزِئُ فِيهَا ابْنُ لَبُونٍ عِنْدَ فَقْدِ بِنْتِ الْمَخَاضِ، وَإِنَّ تَمَحَّضَتْ ذُكُورًا، فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ. أَصَحُّهَا وَهُوَ الْمَنْصُوصُ: جَوَازُهُ، كَالْمَرِيضَةِ مِنَ الْمِرَاضِ، وَعَلَى هَذَا يُؤْخَذُ فِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ ابْنُ لَبُونٍ أَكْثَرُ قِيمَةً مِنَ ابْنِ لَبُونٍ، يُؤْخَذُ مِنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ، وَيُعْرَفُ بِالتَّقْوِيمِ أَوِ النِّسْبَةِ.

وَالثَّانِي: الْمَنْعُ، فَعَلَى هَذَا لَا يُؤْخَذُ أُنْثَى كَانَتْ تُؤْخَذُ لَوْ تَمَحَّضَتْ إِنَاثًا، بَلْ تُقَوَّمُ مَاشِيَتُهُ لَوْ كَانَتْ إِنَاثًا، وَتُقَوَّمُ الْأُنْثَى الْمَأْخُوذَةُ مِنْهَا، وَيُعْرَفُ نِسْبَتُهَا مِنَ الْجُمْلَةِ، وَتُقَوَّمُ مَاشِيَتُهُ الذُّكُورُ، وَتُؤْخَذُ أُنْثَى قِيمَتُهَا مَا تَقْتَضِيهِ النِّسْبَةُ، وَكَذَلِكَ الْأُنْثَى الْمَأْخُوذَةُ مِنَ الْإِنَاثِ وَالذُّكُورِ، يَكُونُ دُونَ الْمَأْخُوذَةِ مِنْ مَحْضِ الْإِنَاثِ بِطَرِيقِ التَّقْسِيطِ الْمَذْكُورِ فِي الْمِرَاضِ، وَالثَّالِثُ: إِنْ أَدَّى أَخْذُ الذَّكَرِ إِلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَ النَّصَّابِينَ، لَمْ يُؤْخَذْ، وَإِلَّا أُخِذَ.

مِثَالُهُ: يُؤْخَذُ ابْنُ مَخَاضٍ مِنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ، وَحِقٌّ مِنْ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ، وَجَذَعٌ مِنْ إِحْدَى وَسِتِّينَ، وَكَذَا يُؤْخَذُ الذَّكَرُ إِذَا زَادَتِ الْإِبِلُ، وَاخْتَلَفَ الْفَرْضُ بِزِيَادَةِ الْعَدَدِ، وَلَا يُؤْخَذُ ابْنُ لَبُونٍ مِنْ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ؛ لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ عَنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ.

وَأَمَّا الْبَقَرُ، فَالتَّبِيعُ مَأْخُوذٌ مِنْهَا فِي مَوَاضِعِ وُجُوبِهِ، وَحَيْثُ وَجَبَتِ الْمُسِنَّةُ، تَعَيَّنَتْ إِنْ تَمَحَّضَتْ إِنَاثًا أَوِ انْقَسَمَتْ، فَإِنْ تَمَحَّضَتْ ذُكُورًا، فَفِيهِ الْوَجْهَانِ الْأَوَّلَانِ فِي الْإِبِلِ، وَلَوْ أَخْرَجَ عَنْ أَرْبَعِينَ مِنَ الْبَقَرِ أَوْ خَمْسِينَ تَبِيعِينَ، جَازَ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهُمَا يُجْزِئَانِ عَنْ سِتِّينَ، فَعَمَّا دُونِهَا أَوْلَى. وَأَمَّا الْغَنَمُ، فَإِنْ تَمَحَّضَتْ إِنَاثًا أَوِ انْقَسَمَتْ، تَعَيَّنَتِ الْأُنْثَى، وَإِنْ تَمَحَّضَتْ ذُكُورًا، فَطَرِيقَانِ؛ الْمَذْهَبُ وَبِهِ قَطَعَ الْأَكْثَرُونَ: يُجْزِئُ الذَّكَرُ، وَالثَّانِي: عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي الْإِبِلِ.

النَّقْصُ الرَّابِعُ: الصِّغَرُ، وَلِلْمَاشِيَةِ فِي هَذَا الْفَصْلِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ. أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا فِي سِنِّ الْفَرْضِ، فَيُؤْخَذُ لِوَاجِبِهَا سِنُّ الْفَرْضِ، وَلَا يُؤْخَذُ مَا دُونَهُ، وَلَا يُكَلَّفُ مَا فَوْقَهُ. الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ كُلُّهَا فَوْقَ سِنِّ الْفَرْضِ، فَلَا يُكَلَّفُ الْإِخْرَاجَ مِنْهَا، بَلْ يُحَصِّلُ السِّنَّ الْوَاجِبَةَ وَيُخْرِجُهَا، وَلَهُ الصُّعُودُ وَالنُّزُولُ فِي الْإِبِلِ كَمَا سَبَقَ. الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْجَمِيعُ فِي سِنٍّ دُونَهَا، وَقَدْ يُسْتَبْعَدُ تَصَوُّرُ هَذَا، فَإِنَّ أَحَدَ شُرُوطِ الزَّكَاةِ الْحَوْلُ، وَإِذَا حَالَ الْحَوْلُ فَقَدْ بَلَغَتِ الْمَاشِيَةُ حَدَّ الْإِجْزَاءِ. وَقَدْ صَوَّرَهَا الْأَصْحَابُ فِيمَا إِذَا حَدَثَتْ مِنَ الْمَاشِيَةِ فِي أَثْنَاءِ الْحُلُولِ فَصْلَانِ، أَوْ عُجُولٌ، أَوْ سِخَالٌ، ثُمَّ مَاتَتِ الْأُمَّهَاتُ، وَتَمَّ حَوْلُهَا وَالنِّتَاجُ صِغَارٌ بَعْدُ، وَهَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى الْمَذْهَبِ أَنَّ النِّتَاجَ يُبْنَى عَلَى حَوْلِهَا. وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ الْأَنْمَاطِيِّ: إِنَّهُ يَنْقَطِعُ الْحَوْلُ بِمَوْتِ الْأُمَّهَاتِ، بَلْ بِنُقْصَانِهَا عَنِ النِّصَابِ، فَلَا تَجِيءُ هَذِهِ الصُّورَةُ بِهَذَا الطَّرِيقِ، وَيُمْكِنُ أَنْ تُصَوِّرَ ذَلِكَ فِيمَا إِذَا مَلَكَ نِصَابًا مِنْ صِغَارِ الْمَعْزِ وَمَضَى عَلَيْهَا حَوْلٌ، فَتَجِبُ الزَّكَاةُ وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ سِنَّ الْإِجْزَاءِ؛ لِأَنَّ الثَّنِيَّةَ مِنَ الْمَعْزِ - عَلَى الْأَصَحِّ - هِيَ الَّتِي اسْتَكْمَلَتْ سَنَتَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ. إِذَا عُرِفَ التَّصْوِيرُ فَفِيمَا يُؤْخَذُ؟ وَجْهَانِ.

وَقَالَ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ وَغَيْرُهُ: قَوْلَانِ. الْقَدِيمُ: لَا يُؤْخَذُ إِلَّا كَبِيرَةٌ، لَكِنْ دُونَ الْكَبِيرَةِ الْمَأْخُوذَةِ مِنَ الْكِبَارِ فِي الْقِيمَةِ.

وَكَذَا إِذَا انْقَسَمَ مَالُهُ إِلَى صِغَارٍ وَكِبَارٍ، يُؤْخَذُ كَبِيرَةٌ بِالْقِسْطِ كَمَا سَبَقَ فِي نَظَائِرِهِ، فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ كَبِيرَةٌ بِمَا يَقْتَضِيهِ التَّقْسِيطُ، أُخِذَتِ الْقِيمَةُ لِلضَّرُورَةِ. ذَكَرَهُ الْمَسْعُودِيُّ فِي الْإِيضَاحِ.

وَالْقَوْلُ الْجَدِيدُ: لَا يَتَعَيَّنُ الْكَبِيرَةُ، بَلْ تَجُوزُ الصَّغِيرَةُ كَالْمَرِيضَةِ مِنَ الْمِرَاضِ. فَعَلَى هَذَا، هَلْ تُؤْخَذُ الصَّغِيرَةُ مُطْلَقًا، أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟ قَطَعَ الْجُمْهُورُ بِأَخْذِ الصَّغِيرَةِ مِنْ صِغَارِ الْغَنَمِ، وَذَكَرُوا فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ أَصَحُّهَا: يَجُوزُ أَخْذُ

<<  <  ج: ص:  >  >>