كَالْمُهْرِيَّةِ وَالْأَرْحَبِيَّةِ مِنَ الْإِبِلِ، وَالْعِرَابِ وَالْجَوَامِيسِ مِنَ الْبَقَرِ، وَالضَّأْنِ وَالْمَعْزِ مِنَ الْغَنَمِ، فَيَضُمُّ الْبَعْضَ إِلَى الْبَعْضِ فِي إِكْمَالِ النِّصَابِ لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ، وَفِي كَيْفِيَّةِ أَخْذِ الزَّكَاةِ قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا: يُؤْخَذُ مِنَ الْأَغْلَبِ، فَإِنِ اسْتَوَيَا، فَكَاجْتِمَاعِ الْحِقَاقِ وَبَنَاتِ اللَّبُونِ فِي مِائَتَيْنِ، فَيُؤْخَذُ الْأَغْبَطُ لِلْمَسَاكِينِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَعَلَى وَجْهٍ: الْخِيَرَةُ لِلْمَالِكِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي وَهُوَ الْأَظْهَرُ: يُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ بِقِسْطِهِ، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ هَذَا شِقْصٌ وَمِنْ هَذَا شِقْصٌ، فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ بِالِاتِّفَاقِ، وَلَكِنَّ الْمُرَادَ النَّظَرُ إِلَى الْأَصْنَافِ وَبِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ، فَإِذَا اعْتُبِرَتِ الْقِيمَةُ وَالتَّقْسِيطُ فَمِنْ أَيِّ نَوْعٍ كَانَ الْمَأْخُوذُ جَازَ. كَذَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ.
وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمَأْخُوذُ مِنْ أَعْلَى الْأَنْوَاعِ، كَمَا لَوِ انْقَسَمَتْ إِلَى صِحَاحٍ وَمِرَاضٍ، وَيُجَابُ عَمَّا قَالَ بِأَنَّهُ وَرَدَ النَّهْيُ عَنِ الْمَرِيضَةِ وَالْمَعِيبَةِ، فَلَمْ نَأْخُذْ إِلَّا مَا وَجَدْنَا صَحِيحَةً، بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ. وَحُكِيَ قَوْلٌ ثَالِثٌ أَنَّهُ إِذَا اخْتَلَفَ الْأَنْوَاعُ أُخِذَ مِنَ الْوَسَطِ، وَلَا يَجِيءُ هَذَا فِي نَوْعَيْنِ فَقَطْ، وَلَا فِي ثَلَاثَةٍ مُتَسَاوِيَةٍ. وَحُكِيَ وَجْهٌ أَنَّهُ يُؤْخَذُ الْأَجْوَدُ، فَخَرَجَ مِنْ نَصِّهِ فِي اجْتِمَاعِ الْحِقَاقِ وَبَنَاتِ اللَّبُونِ. وَحُكِيَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ فِيمَا إِذَا لَمْ تَحْتَمِلُ الْإِبِلُ أَخْذَ وَاجِبِ كُلِّ نَوْعٍ وَحْدَهُ، فَإِنِ احْتَمَلَ أُخِذَ بِلَا خِلَافٍ، بِأَنْ مَلَكَ مِائَتَيْنِ مِائَةً أَرْحَبِيَّةً، وَمِائَةً مُهْرِيَّةً، فَيُؤْخَذُ حِقَّتَانِ مِنْ هَذِهِ وَحِقَّتَانِ مِنْ هَذِهِ.
وَالْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ: طَرْدُ الْخِلَافِ مُطْلَقًا، وَنُوَضِّحُ الْقَوْلَيْنِ الْأَوَّلِينَ بِمِثَالَيْنِ.
أَحَدُهُمَا: لَهُ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ مِنَ الْإِبِلِ، عَشْرَةٌ مُهْرِيَّةٌ، وَعَشْرَةٌ أَرْحَبِيَّةٌ، وَخَمْسَةٌ مَجِيدِيَّةٌ، فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يُؤْخَذُ بِنْتُ مَخَاضٍ أَرْحَبِيَّةٌ، أَوْ مُهْرِيَّةٌ بِقِيمَةِ نِصْفِ أَرْحَبِيَّةٍ وَنِصْفِ مُهْرِيَّةٍ؛ لِأَنَّ هَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ أَغْلَبُ. وَعَلَى الثَّانِي: يُؤْخَذُ بِنْتُ مَخَاضٍ مِنْ أَيِّ الْأَنْوَاعِ أَعْطَى بِقِيمَةِ خُمُسَيْ مُهْرِيَّةٍ وَخُمُسَيْ أَرْحَبِيَّةٍ وَخُمُسِ مَجِيدِيَّةٍ. فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ بِنْتِ مَخَاضٍ مُهْرِيَّةٍ عَشْرَةٌ، وَقِيمَةُ بِنْتِ مَخَاضٍ أَرْحَبِيَّةٍ خَمْسَةٌ، وَبِنْتِ مَخَاضٍ مَجِيدِيَّةٍ دِينَارَيْنِ وَنِصْفٍ - أَخَذَ بِنْتَ مَخَاضٍ مِنْ أَيِّ أَنْوَاعِهَا شَاءَ قِيمَتُهَا سِتَّةٌ وَنِصْفٌ.
الثَّانِي: لَهُ ثَلَاثُونَ مِنَ الْمَعْزِ، وَعَشْرٌ مِنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute