قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: يَأْخُذُ مِنْ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مَا يَخُصُّهُ، وَلَا يَجُوزُ غَيْرُ ذَلِكَ؛ لِيُغْنِيَهُمَا عَنِ التَّرَاجُعِ. وَأَصَحُّهُمَا وَبِهِ قَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْجُمْهُورُ: يَأْخُذُ مِنْ جَنْبِ الْمَالِ مَا اتَّفَقَ، وَلَا حَجْرَ عَلَيْهِ، بَلْ لَوْ أَخَذَ كَمَا قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ ثَبَتَ التَّرَاجُعُ؛ لَأَنَّ الْمَالَيْنِ كَوَاحِدٍ.
مِثَالُ صُورَةِ الْإِمْكَانِ: لِكُلِّ وَاحِدٍ مِائَةُ شَاةٍ وَأَمْكَنَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ شَاةً. وَكَذَا لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا أَرْبَعُونَ مِنَ الْبَقَرِ وَلِلْآخَرِ ثَلَاثُونَ، وَأَمْكَنَ أَخْذُ مُسِنَّةٍ مِنَ الْأَرْبَعِينَ وَتَبِيعٍ مِنَ الثَّلَاثِينَ. وَكَذَا لَوْ كَانَ لِوَاحِدٍ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ وَلِلْآخَرِ ثَمَانُونَ، وَأَمْكَنَ أَخْذُ حِقَّتَيْنِ مِنَ الْمِائَةِ وَبِنْتَيْ لَبُونٍ مِنَ الثَّمَانِينَ.
فَرْعٌ فِي كَيْفِيَّةِ الرُّجُوعِ
فَإِذَا خَلَطَا عِشْرِينَ مِنَ الْغَنَمِ بِعِشْرِينَ، فَأَخَذَ السَّاعِي شَاةً مِنْ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا - رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِنِصْفِ قِيمَتِهَا، لَا بِنِصْفِ شَاةٍ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مِثْلِيَّةٍ. فَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا ثَلَاثُونَ شَاةً وَلِلْآخَرِ عَشْرٌ، فَأَخَذَهَا السَّاعِي مِنْ صَاحِبِ الثَّلَاثِينَ - رَجَعَ بِرُبُعِهَا عَلَى الْآخَرِ. وَإِنْ أَخَذَهَا مِنَ الْآخَرِ رَجَعَ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهَا عَلَى صَاحِبِ الثَّلَاثِينَ. وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا مِائَةٌ وَلِلْآخَرِ خَمْسُونَ، فَيَأْخُذُ السَّاعِي الشَّاتَيْنِ الْوَاجِبَتَيْنِ مِنْ صَاحِبِ الْمِائَةِ، رَجَعَ عَلَى الْآخَرِ بِثُلُثِ قِيمَتِهِمَا، وَلَا يَقُولُ بِقِيمَةِ ثُلُثَيْ شَاةٍ، وَإِنْ أَخْذَهُمَا مِنْ صَاحِبِ الْخَمْسِينَ، رَجَعَ بِثُلُثَيْ قِيمَتِهِمَا. وَلَوْ أَخَذَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ شَاةً، رَجَعَ صَاحِبُ الْمِائَةِ عَلَى صَاحِبِ الْخَمْسِينَ بِثُلُثِ قِيمَةِ شَاتِهِ، وَصَاحِبُ الْخَمْسِينَ عَلَى صَاحِبِ الْمِائَةِ بِثُلُثَيْ قِيمَةِ شَاتِهِ. وَلَوْ كَانَ نِصْفُ الشِّيَاهِ لِهَذَا وَنَصِفُهَا لِلْآخَرِ، رَجَعَ كُلُّ وَاحِدٍ بِقِيمَةِ نِصْفِ شَاتِهِ. فَإِنْ تَسَاوَتِ الْقِيمَتَانِ، خَرَجَ عَلَى أَقْوَالِ الْتَّقَاصِّ عِنْدَ تَسَاوِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute