وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى الْمَغْصُوبِ لِامْتِنَاعِ التَّصَرُّفِ. وَالَّذِي قَالَهُ الْجُمْهُورُ تَفْرِيعٌ عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ، وَهُوَ الرَّاجِحُ. وَلَنَا فِيهِ خِلَافٌ يَأْتِي قَرِيبًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَإِذَا أَوْجَبْنَا الزَّكَاةَ فِي الْمَرْهُونِ، فَمِنْ أَيْنَ يُخْرَجُ؟ فِيهِ كَلَامٌ يَأْتِي قُبَيْلَ زَكَاةِ الْمُعَشَّرَاتِ.
فَرْعٌ
الدَّيْنُ الثَّابِتُ عَلَى الْغَيْرِ لَهُ أَحْوَالٌ. أَحَدُهَا: أَنْ لَا يَكُونُ لَازِمًا كَمَالِ الْكِتَابَةِ، فَلَا زَكَاةَ فِيهِ. وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ لَازِمًا، وَهُوَ مَاشِيَةٌ، فَلَا زَكَاةَ أَيْضًا. الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ عُرُوضَ تِجَارَةٍ، فَقَوْلَانِ، الْقَدِيمُ: لَا زَكَاةَ فِي الدَّيْنِ بِحَالٍ، وَالْجَدِيدُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ: وُجُوبُهَا فِي الدَّيْنِ عَلَى الْجُمْلَةِ. وَتَفْصِيلُهُ أَنَّهُ إِنْ تَعَذَّرَ الِاسْتِيفَاءُ لِإِعْسَارِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ أَوْ جُحُودِهِ وَلَا بَيِّنَةَ، أَوْ مَطْلِهِ، أَوْ غَيْبَتِهِ - فَهُوَ كَالْمَغْصُوبِ تَجِبُ الزَّكَاةُ عَلَى الْمَذْهَبِ.
وَقِيلَ: تَجِبُ فِي الْمَمْطُولِ، وَفِي الدَّيْنِ عَلَى مَلِيءٍ غَائِبٍ قَطْعًا، وَلَا يَجِبُ الْإِخْرَاجُ قَبْلَ حُصُولِهِ قَطْعًا، وَإِنْ لَمْ يَتَعَذَّرِ اسْتِيفَاؤُهُ، بِأَنْ كَانَ عَلَى مَلِيءٍ بَاذِلٍ، أَوْ جَاحِدٍ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ، أَوْ يَعْلَمُهُ الْقَاضِي، وَقُلْنَا: يَقْضَى بِعِلْمِهِ، فَإِنْ كَانَ حَالًّا وَجَبَتِ الزَّكَاةُ وَلَزِمَ إِخْرَاجُهَا فِي الْحَالِ، وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي الْمَغْصُوبِ. وَقِيلَ: تَجِبُ الزَّكَاةُ قَطْعًا. وَقِيلَ: لَا تَجِبُ قَطْعًا. فَإِنْ أَوْجَبْنَاهَا، لَمْ يَجِبِ الْإِخْرَاجُ حَتَّى يَقْبِضَهُ عَلَى الْأَصَحِّ. وَعَلَى الثَّانِي: تَجِبُ فِي الْحَالِ.
الْمَالُ الْغَائِبُ إِنْ لَمْ يَكُنْ مَقْدُورًا عَلَيْهِ لِانْقِطَاعِ الطَّرِيقِ أَوِ انْقِطَاعِ خَبَرِهِ، فَكَالْمَغْصُوبِ. وَقِيلَ: تَجِبُ قَطْعًا، وَلَا يَجِبُ الْإِخْرَاجُ حَتَّى يَصِلَ إِلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute