وَالثَّانِي أَنَّ مُسْتَحِقَّ الدَّيْنِ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ. فَلَوْ أَوْجَبْنَاهَا عَلَى الْمَدْيُونِ أَيْضًا أَدَّى ذَلِكَ إِلَى تَثْنِيَةِ الزَّكَاةِ فِي الْمَالِ الْوَاحِدِ. وَيَتَفَرَّعُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ مَسَائِلُ.
أَحَدُهَا: لَوْ كَانَ مُسْتَحِقُّ الدَّيْنِ مِمَّنْ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ كَالذِّمِّيِّ، فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ: لَا تَجِبُ. وَعَلَى الثَّانِي: تَجِبُ.
الثَّانِيَةُ: لَوْ كَانَ الدَّيْنُ حَيَوَانًا بِأَنْ مَلَكَ أَرْبَعِينَ شَاةً سَائِمَةً، وَعَلَيْهِ أَرْبَعُونَ شَاةً سَلَمًا، فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا تَجِبُ، وَعَلَى الثَّانِي: تَجِبُ. وَمِثْلُهُ: لَوْ أَنْبَتَتْ أَرْضُهُ نِصَابًا مِنَ الْحِنْطَةِ وَعَلَيْهِ مِثْلُهُ سَلَمًا.
الثَّالِثَةُ: لَوْ مَلَكَ نِصَابًا وَالدَّيْنَ الَّذِي عَلَيْهِ دُونَ نِصَابٍ، فَعَلَى الْأَوَّلِ: لَا زَكَاةَ، وَعَلَى الثَّانِي: تَجِبُ، كَذَا أَطْلَقُوهُ. وَمُرَادُهُمْ: إِذَا لَمْ يَمْلِكْ صَاحِبُ الدَّيْنِ غَيْرَهُ مِنْ دَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ، فَلَوْ مَلَكَ مَا يُتِمُّ النِّصَابَ، فَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ بِاعْتِبَارِ هَذَا الْمَالِ. وَقَطَعَ الْأَكْثَرُونَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِمَا يَقْتَضِيهِ الْأَوَّلُ. وَلَوْ مَلَكَ بِقَدْرِ الدَّيْنِ مِمَّا لَا زَكَاةَ فِيهِ كَالْعَقَارِ وَغَيْرِهِ وَجَبَتِ الزَّكَاةُ فِي النِّصَابِ الزَّكَوِيِّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَيْضًا عَلَى الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: لَا تَجِبُ بِنَاءً عَلَى عِلَّةِ التَّثْنِيَةِ. وَلَوْ زَادَ الْمَالُ الزَّكَوِيُّ عَلَى الدَّيْنِ، فَإِنْ كَانَ الْفَاضِلُ نِصَابًا، وَجَبَتِ الزَّكَاةُ فِيهِ. وَفِي الْبَاقِي الْقَوْلَانِ، وَإِلَّا لَمْ تَجِبْ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، لَا فِي قَدْرِ الدَّيْنِ وَلَا فِي الْفَاضِلِ.
فَرْعٌ
مَلَكَ أَرْبَعِينَ شَاةً، فَاحْتَاجَ مَنْ يَرْعَاهَا، فَحَالَ الْحَوْلُ، فَإِنِ اسْتَأْجَرَهُ بِشَاةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنَ الْأَرْبَعِينَ مُخْتَلِطَةٍ بِبَاقِيهَا، وَجَبَ شَاةٌ عَلَى الرَّاعِي، مِنْهَا جُزْءٌ مِنْ أَرْبَعِينَ جُزْءًا، وَالْبَاقِي عَلَى الْمُسْتَأْجَرِ. وَإِنْ كَانَتْ مُنْفَرِدَةً، فَلَا زَكَاةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا. وَإِنِ اسْتَأْجَرَهُ بِشَاةٍ فِي الذِّمَّةِ، فَإِنْ كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ مَالٌ آخَرُ يَفِي بِهَا، وَجَبَتِ الزَّكَاةُ فِي الْأَرْبَعِينَ، وَإِلَّا فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي أَنَّ الدَّيْنَ هَلْ يَمْنَعُ وُجُوبَهَا؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute