أَثْمَانِ دِينَارٍ، فَيَسْقُطُ وَيَجِبُ الْبَاقِي، وَهُوَ دِينَارٌ وَسَبْعَةُ أَثْمَانٍ، فَإِذَا مَضَتِ السَّنَةُ الثَّالِثَةُ، اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ عَلَى خَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ دِينَارًا ثَلَاثَ سِنِينَ، وَزَكَاتُهَا فِيهَا خَمْسَةُ دَنَانِيرَ وَخَمْسَةُ أَثْمَانِ دِينَارٍ، أَخْرَجَ مِنْهَا فِي السَّنَتَيْنِ دِينَارَيْنِ وَنِصْفًا، فَيُخْرِجُ الْبَاقِي، فَإِذَا مَضَتِ الرَّابِعَةُ، اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ عَلَى الْمِائَةِ أَرْبَعَ سِنِينَ، وَزَكَاتُهَا فِيهَا عَشَرَةُ دَنَانِيرَ، أَخْرَجَ مِنْهَا خَمْسَةً وَخَمْسَةَ أَثْمَانٍ، فَيُخْرِجُ الْبَاقِي، هَذَا إِذَا أَخْرَجَ مِنْ غَيْرِ الْمِائَةِ، فَإِنْ أَخْرَجَ مِنْهَا وَاجِبَ السَّنَةِ الْأُولَى، فَعِنْدَ تَمَامِ الثَّانِيَةِ يُخْرِجُ زَكَاةَ الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ الْأُولَى سِوَى مَا أَخْرَجَ فِي السَّنَةِ الْأُولَى، وَزَكَاةُ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ أُخْرَى لِسَنَتَيْنِ، وَعِنْدَ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ يُقَاسُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ، وَأَمَّا إِذَا قُلْنَا بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ، فَإِنَّهُ يُخْرِجُ عِنْدَ تَمَامِ السَّنَةِ الْأُولَى زَكَاةَ الْمِائَةِ، وَكَذَلِكَ كُلَّ سَنَةٍ إِنْ أَخْرَجَ مِنْ غَيْرِهَا، فَإِنْ أَخْرَجَ مِنْ عَيْنِهَا، زَكَّى كُلَّ سَنَةٍ مَا بَقِيَ. وَاخْتَلَفَ الْعِرَاقِيُّونَ فِي هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ، فَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَطَائِفَةٌ: هُمَا فِي نَفْسِ الْوُجُوبِ، وَقَالَ أَبُو حَامِدٍ وَشِيعَتُهُ: الْوُجُوبُ ثَابِتٌ قَطْعًا، وَإِنَّمَا الْقَوْلَانِ فِي كَيْفِيَّةِ الْإِخْرَاجِ، وَهَذَا مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ.
وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ: إِذَا كَانَتْ أُجْرَةُ السَّنَتَيْنِ مُتَسَاوِيَةً، فَإِنْ تَفَاوَتَتْ، زَادَ الْقَدْرُ الْمُسْتَقِرُّ فِي بَعْضِ السَّنَتَيْنِ عَلَى رُبُعِ الْمِائَةِ، وَنَقَصَ فِي بَعْضِهَا، فَإِنْ قِيلَ: هَلْ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إِذَا كَانَتِ الْمِائَةُ فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ نَقَدَهَا، أَوْ فِيمَا إِذَا كَانَتِ الْإِجَارَةُ بِمِائَةٍ مُعَيَّنَةٍ، أَمْ لَا فَرْقَ؟
الْجَوَابُ، أَنَّ كَلَامَ نَقْلَةِ الْمَذْهَبِ يَشْمَلُ الْحَالَتَيْنِ، وَلَمْ أَرَ فِيهَا نَصًّا وَتَفْصِيلًا إِلَّا فِي فَتَاوَى الْقَاضِي حُسَيْنٍ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى: الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجِبُ زَكَاةُ كُلِّ الْمِائَةِ، إِذَا حَالَ الْحَوْلُ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ مُسْتَقِرٌّ عَلَى مَا أَخَذَ، حَتَّى لَوِ انْهَدَمَتِ الدَّارُ، لَا يَلْزَمُهُ رَدُّ الْمَقْبُوضِ، بَلْ لَهُ رَدُّ مِثْلِهِ، وَفِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ، قَالَ: حُكْمُ الزَّكَاةِ حُكْمُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّهُ مُعَرَّضٌ لِأَنْ يَعُودَ إِلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِانْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ، وَبِالْجُمْلَةِ الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ أَحَقُّ بِالْخِلَافِ مِنَ الْأُولَى، وَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي اخْتِيَارٌ لِلْوُجُوبِ فِي الْحَالَتَيْنِ جَمِيعًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute