فَرْعٌ
التَّفْرِيقُ الْيَسِيرُ بَيْنَ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ، لَا يَضُرُّ بِلَا خِلَافٍ، وَكَذَا الْكَثِيرُ، عَلَى الْجَدِيدِ الْمَشْهُورِ. وَالْكَثِيرُ: هُوَ أَنْ يَمْضِيَ زَمَنٌ يَجِفُّ فِيهِ الْمَغْسُولُ مَعَ اعْتِدَالِ الْهَوَاءِ وَمِزَاجِ الشَّخْصِ. وَالْقَلِيلُ: دُونَ ذَلِكَ. وَقِيلَ: تُؤْخَذُ الْقِلَّةُ وَالْكَثْرَةُ مِنَ الْعُرْفِ. وَقِيلَ: الْكَثِيرُ: مُضِيُّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ إِتْمَامُ الطَّهَارَةِ. وَمُدَّةُ التَّفْرِيقِ تُعْتَبَرُ مِنْ آخِرِ الْمَأْتِيِّ بِهِ مِنْ أَفْعَالِ الْوُضُوءِ. وَلَوْ فَرَّقَ بِعُذْرٍ، كَنَفَادِ الْمَاءِ، لَمْ يَضُرَّ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: فِيهِ الْقَوْلَانِ. وَالنِّسْيَانُ عُذْرٌ عَلَى الْأَصَحِّ. وَحَيْثُ جَازَ التَّفْرِيقُ، فَبَنَى، لَا يَحْتَاجُ إِلَى تَجْدِيدِ النِّيَّةِ فِي الْأَصَحِّ. وَالْمُوَالَاةُ فِي الْغُسْلِ، كَهِيَ فِي الْوُضُوءِ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: لَا يَجِبُ مُطْلَقًا بِلَا خِلَافٍ.
قُلْتُ: بَقِيَتْ مَسَائِلُ مُهِمَّةٌ مِنْ صِفَةِ الْوُضُوءِ. مِنْهَا: غَسْلُ الْعَيْنَيْنِ. فِيهِ أَوْجُهٌ. أَحَدُهَا: سُنَّةٌ. وَالثَّانِي: مُسْتَحَبٌّ. وَالثَّالِثُ: لَا يَفْعَلُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الْأَصْحَابِ. وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِرِجْلِهِ كَعْبٌ، أَوْ لِيَدِهِ مِرْفَقٌ، اعْتَبَرَ قَدْرَهُ، وَلَوْ تَشَقَّقَتْ رِجْلُهُ، فَجَعَلَ فِي شُقُوقِهَا شَمْعًا أَوْ حِنَّاءً، وَجَبَ إِزَالَةُ عَيْنِهِ، فَإِنْ بَقِيَ لَوْنُ الْحِنَّاءِ، لَمْ يَضُرَّ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْعُضْوِ دُهْنٌ مَائِعٌ فَجَرَى الْمَاءُ عَلَى الْعُضْوِ، وَلَمْ يَثْبُتْ، صَحَّ وُضُوءُهُ، وَلَوْ كَانَ تَحْتَ أَظْفَارِهِ وَسَخٌ يَمْنَعُ وَصُولَ الْمَاءِ، لَمْ يَصِحَّ وُضُوءُهُ عَلَى الْأَصَحِّ. وَلَوْ قَدَّمَ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ عَلَى غَسْلِ الْكَفِّ، لَمْ يُحْسَبِ الْكَفُّ عَلَى الْأَصَحِّ. وَلَوْ شَكَّ فِي غَسْلِ بَعْضِ أَعْضَائِهِ فِي أَثْنَاءِ الطَّهَارَةِ، لَمْ يُحْسَبْ لَهُ، وَبَعْدَ الْفَرَاغِ لَا يَضُرُّهُ الشَّكُّ عَلَى الْأَصَحِّ. وَيُشْتَرَطُ فِي غَسْلِ الْأَعْضَاءِ: جَرَيَانُ الْمَاءِ عَلَى الْعُضْوِ بِلَا خِلَافٍ. وَيَرْتَفِعُ الْحَدَثُ عَنْ كُلِّ عُضْوٍ بِمُجَرَّدِ غَسْلِهِ. وَقَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: يَتَوَقَّفُ عَلَى فَرَاغِ الْأَعْضَاءِ، وَالصَّوَابُ: الْأَوَّلُ. وَبِهِ قَطَعَ الْأَصْحَابُ. وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ يَتَوَضَّأُ أَنْ يُصَلِّيَ عَقِبَهُ رَكْعَتَيْنِ فِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute