فَرْعٌ
النَّوَاحِي الَّتِي يُؤْخَذُ مِنْهَا الْخَرَاجُ، وَلَا يُعْرَفُ كَيْفَ كَانَ حَالُهَا فِي الْأَصْلِ، حَكَى الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ يُسْتَدَامُ الْأَخْذُ مِنْهَا، فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الَّذِي فَتَحَهَا صَنَعَ بِهَا كَمَا صَنَعَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِسَوَادِ الْعِرَاقِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا جَرَى لِطُولِ الدَّهْرِ، جَرَى بِحَقٍّ. فَإِنْ قِيلَ: هَلْ يَثْبُتُ فِيهَا حُكْمُ أَرْضِ السَّوَادِ مِنِ امْتِنَاعِ الْبَيْعِ وَالرَّهْنِ؟ قِيلَ: يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: الظَّاهِرُ فِي الْأَخْذِ كَوْنُهُ حَقًّا، وَفِي الْأَيْدِي الْمِلْكُ، فَلَا نَتْرُكُ وَاحِدًا مِنَ الظَّاهِرَيْنِ، إِلَّا بِيَقِينٍ.
الْخَرَاجُ الْمَأْخُوذُ ظُلْمًا لَا يَقُومُ مَقَامَ الْعُشْرِ، فَإِنْ أَخَذَهُ السُّلْطَانُ عَلَى أَنْ يَكُونَ بَدَلًا عَنِ الْعُشْرِ فَهُوَ كَأَخْذِ الْقِيمَةِ بِالِاجْتِهَادِ، وَفِي سُقُوطِ الْفَرْضِ بِهِ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا وَبِهِ قُطِعَ فِي «التَّتِمَّةِ» : السُّقُوطُ، فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ قَدْرَ الْعُشْرِ أَخْرَجَ الْبَاقِيَ، وَذُكِرَ فِي النِّهَايَةِ أَنَّ بَعْضَ الْمُصَنِّفِينَ حَكَى قَرِيبًا مِنْ هَذَا عَنْ أَبِي زَيْدٍ وَاسْتَبْعَدَهُ.
قُلْتُ: الصَّحِيحُ: السُّقُوطُ، وَهُوَ نَصُّهُ فِي الْأُمِّ، وَبِهِ قَطَعَ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ كَالشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ، وَالْمَحَامِلِيِّ، وَالْمَاوَرْدِيِّ، وَالْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ، وَمِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَمَنَعَهُ أَبُو إِسْحَاقَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute