مِنْهَا: أَنْ يَكُونَ بَعْضُ النَّخِيلِ مُثْمِرًا، وَبَعْضُهَا غَيْرَ مُثْمِرٍ، فَيَجْعَلُ هَذَا سَهْمًا وَذَاكَ سَهْمًا، وَيُقَسِّمُهُ قِسْمَةَ تَعْدِيلٍ، فَيَكُونُ بَيْعَ نَخِيلٍ وَرُطَبٍ بِنَخْلٍ مُتَمَحِّضٍ، وَذَلِكَ جَائِزٌ.
وَمِنْهَا: أَنْ تَكُونَ التَّرِكَةُ نَخْلَتَيْنِ وَالْوَرَثَةُ شَخْصَيْنِ، اشْتَرَى أَحَدُهُمَا نَصِيبَ صَاحِبِهِ مِنْ إِحْدَى النَّخْلَتَيْنِ - أَصْلُهَا وَثَمَرُهَا - بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، وَبَاعَ نَصِيبَهُ مِنَ الْأُخْرَى لِصَاحِبِهِ بِعِشَرَةٍ وَتَقَاصَّا. قَالَ الْأَصْحَابُ: وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى شَرْطِ الْقَطْعِ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ جُزْءٌ شَائِعٌ مِنَ الثَّمَرَةِ وَالشَّجَرَةِ مَعًا، فَصَارَ كَمَا لَوْ بَاعَهَا كُلَّهَا بِثَمَرَتِهَا صَفْقَةً، وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إِلَى شَرْطِ الْقَطْعِ إِذَا أَفْرَدَ الثَّمَرَةَ بِالْبَيْعِ.
وَمِنْهَا: أَنْ يَبِيعَ كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَهُ مِنْ ثَمَرَةِ إِحْدَى النَّخْلَتَيْنِ بِنَصِيبِ صَاحِبِهِ مِنْ جِذْعِهَا، فَيَجُوزُ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ، وَلَا يَكُونُ رِبًا، وَلَا يَجُوزُ قَبْلَ بُدُوِّهِ إِلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ ثَمَرَةٍ تَكُونُ لِلْمُشْتَرِي عَلَى جِذْعِ الْبَائِعِ. وَقَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: قِسْمَةُ الثِّمَارِ بِالْخَرْصِ تَجُوزُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ. قَالَ: وَالَّذِي ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ هُنَا تَفْرِيعٌ عَلَى ذَلِكَ الْقَوْلِ. وَلَكَ أَنْ تَقُولَ: هَذَا يَدْفَعُ إِشْكَالَ الْبَيْعِ جُزَافًا، وَلَا يَدْفَعُ إِشْكَالَ مَنْعِ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالرُّطَبِ.
الِاعْتِرَاضُ الثَّانِي: قَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: جَوَازُ الْقِسْمَةِ قَبْلَ إِخْرَاجِ الزَّكَاةِ هُوَ بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ الزَّكَاةَ فِي الذِّمَّةِ. فَإِنْ قُلْنَا: إِنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ لَمْ تَصِحَّ الْقِسْمَةُ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُمْكِنُ تَصْحِيحُ الْقِسْمَةِ مَعَ التَّفْرِيعِ عَلَى قَوْلِ الْعَيْنِ بِأَنْ تُخَرَّصَ الثِّمَارُ عَلَيْهِمْ، وَيَضْمَنُوا حَقَّ الْمَسَاكِينِ، فَلَهُمُ التَّصَرُّفُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَأَيْضًا فَإِنَّا حَكَيْنَا فِي قَوْلِ الْبَيْعِ قَوْلَيْنِ تَفْرِيعًا عَلَى التَّعَلُّقِ بِالْعَيْنِ، فَكَذَلِكَ الْقِسْمَةُ إِنْ جَعَلْنَاهَا بَيْعًا، وَإِنْ قُلْنَا: إِفْرَازٌ فَلَا مَنْعَ، وَجَمِيعُ مَا ذَكَرْنَاهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ، فَإِنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَهُ نَخِيلٌ مُثْمِرَةٌ، فَبَدَا الصَّلَاحُ فِيهَا بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَبْلَ أَنْ تُبَاعَ - فَالْمَذْهَبُ وَالَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ: وُجُوبُ الزَّكَاةِ عَلَى الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهُمْ مَا لَمْ تُبَعْ فِي الدَّيْنِ، وَقِيلَ: قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: هَذَا، وَالثَّانِي: لَا تَجِبُ؛ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ الْمِلْكِ فِي الْحَالِ، وَيُمْكِنُ بِنَاؤُهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ الدَّيْنَ هَلْ يَمْنَعُ الْإِرْثَ أَمْ لَا؟ فَعَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute