فَرْعٌ
قَالَ الْقَاضِي ابْنُ كَجٍّ: لَوِ اشْتَرَى الْمَاءَ كَانَ الْوَاجِبُ نِصْفَ الْعُشْرِ، وَكَذَا لَوْ سَقَاهُ بِمَاءٍ مَغْصُوبٍ؛ لَأَنَّ عَلَيْهِ ضَمَانَهُ، وَهَذَا حَسَنٌ جَارٍ عَلَى كُلِّ مَأْخَذٍ، فَإِنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِصَلَاحِ الضَّيْعَةِ، بِخِلَافِ الْقَنَاةِ. ثُمَّ حَكَى ابْنُ كَجٍّ عَنِ ابْنِ الْقَطَّانِ وَجْهَيْنِ فِيمَا لَوْ وَهَبَ لَهُ الْمَاءَ، وَرَجَّحَ إِلْحَاقَهُ بِالْمَغْصُوبِ لِلْمِنَّةِ الْعَظِيمَةِ، وَكَمَا لَوْ عَلَفَ مَاشِيَتَهُ بِعَلَفٍ مَوْهُوبٍ.
قُلْتُ: الْوَجْهَانِ إِذَا قُلْنَا: لَا تَقْتَضِي الْهِبَةُ ثَوَابًا. صَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ، قَالَ: فَإِنْ قُلْنَا: تَقْتَضِيهِ، فَنِصْفُ الْعُشْرِ قَطْعًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
إِذَا اجْتَمَعَ فِي الزَّرْعِ الْوَاحِدِ السَّقْيُ بِمَاءِ السَّمَاءِ وَالنَّضْحِ فَلَهُ حَالَانِ. أَحَدُهُمَا: أَنْ يَزْرَعَ عَازِمًا عَلَى السَّقْيِ بِهِمَا، فَفِيهِ قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: يُقَسَّطُ الْوَاجِبُ عَلَيْهِمَا، فَإِنْ كَانَ ثُلُثَا السَّقْيِ بِمَاءِ السَّمَاءِ، وَالثُّلُثُ بِالنَّضْحِ وَجَبَ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الْعُشْرِ. وَلَوْ سُقِيَ عَلَى التَّسَاوِي وَجَبَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ، وَالثَّانِي: الِاعْتِبَارُ بِالْأَغْلَبِ، فَإِنْ كَانَ مَاءُ السَّمَاءِ أَغْلَبَ وَجَبَ الْعُشْرُ، وَإِنْ غَلَبَ النَّضْحُ فَنِصْفُ الْعُشْرِ، فَإِنِ اسْتَوَيَا فَوَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: يُقَسَّطُ كَالْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَبِهَذَا قَطَعَ الْأَكْثَرُونَ، وَالثَّانِي: يَجِبُ الْعُشْرُ؛ نَظَرًا لِلْمَسَاكِينِ. ثُمَّ سَوَاءٌ قَسَّطْنَا أَوِ اعْتَبَرْنَا الْأَغْلَبَ، فَالنَّظَرُ إِلَى مَاذَا؟ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: النَّظَرُ إِلَى عَدَدِ السَّقَيَاتِ، وَالْمُرَادُ: السَّقَيَاتُ النَّافِعَةُ دُونَ مَا لَا يَنْفَعُ. وَالثَّانِي وَهُوَ أَوْفَقُ لِظَاهِرِ النَّصِّ: الِاعْتِبَارُ بِعَيْشِ الزَّرْعِ أَوِ الثَّمَرِ وَنَمَائِهِ، وَعَبَّرَ بَعْضُهُمْ عَنْ هَذَا الثَّانِي بِالنَّظَرِ إِلَى النَّفْعِ، وَقَدْ تَكُونُ السَّقْيَةُ الْوَاحِدَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute