وُقُوعُ ذَلِكَ السَّبَبِ وَعُمُومُ أَثَرِهِ، صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ. فَإِنِ اتُّهِمَ فِي هَلَاكِ ثِمَارِهِ بِهِ، حَلِفَ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ وُقُوعُهُ، فَالصَّحِيحُ وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ: يُطَالَبُ بِالْبَيِّنَةِ؛ لِإِمْكَانِهَا. ثُمَّ الْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي الْهَلَاكِ بِهِ، وَالثَّانِي: الْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ، وَالثَّالِثُ: يُقْبَلُ بِلَا يَمِينٍ إِذَا كَانَ ثِقَةً. وَحَيْثُ حَلَّفْنَاهُ، فَالْيَمِينُ مُسْتَحَبَّةٌ لَا وَاجِبَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا سَبَقَ. أَمَّا إِذَا اقْتَصَرَ عَلَى دَعْوَى الْهَلَاكِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِسَبَبٍ، فَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ قَبُولُهُ مَعَ الْيَمِينِ.
فَرْعٌ
إِذَا ادَّعَى الْمَالِكُ إِجْحَافًا فِي الْخَرْصِ، فَإِنْ زَعَمَ أَنَّ الْخَارِصَ تَعَمَّدَ ذَلِكَ، لَمْ يُلْتَفَتْ إِلَيْهِ، كَمَا لَوِ ادَّعَى مَيْلَ الْحَاكِمِ أَوْ كَذِبَ الشَّاهِدَ، لَا يُقْبَلُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ. وَإِنِ ادَّعَى أَنَّهُ غَلَطٌ، فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنِ الْقَدْرَ، لَمْ تُسْمَعْ، وَإِنْ بَيَّنَهُ وَكَانَ يَحْتَمِلُ الْغَلَطَ فِي مَثَلِهِ، كَخَمْسَةِ أَوْسُقٍ فِي مِائَةٍ، قُبِلَ. فَإِنِ اتُّهِمَ، حُلِّفَ وَحُطَّ عَنْهُ. هَذَا إِذَا كَانَ الْمُدَّعَى فَوْقَ مَا يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ. وَأَمَّا إِذَا بَعْدَ الْكَيْلُ غَلَطًا يَسِيرًا فِي الْخَرْصِ بِقَدْرِ مَا يَقَعُ فِي الْكَيْلَيْنِ، فَهَلْ يُحَطُّ؟ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: لَا؛ لِاحْتِمَالِ أَنَّ النَّقْصَ وَقَعَ فِي الْكَيْلِ، وَلَوْ كَيَّلَ ثَانِيًا وَفَّى، وَالثَّانِي: يُحَطُّ؛ لِأَنَّ الْكَيْلَ يَقِينٌ وَالْخَرْصُ تَخْمِينٌ، فَالْإِحَالَةُ عَلَيْهِ أَوْلَى.
قُلْتُ: هَذَا أَقْوَى، وَصَحَّحَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ الْأَوَّلَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَإِنِ ادَّعَى نَقْصًا فَاحِشًا لَا يُجَوِّزُ أَهْلُ الْخِبْرَةِ الْغَلَطَ بِمِثْلِهِ، لَمْ يُقْبَلْ فِي حَطِّ جَمِيعِهِ، وَهَلْ يُقْبَلُ فِي حَطِّ الْمُمْكِنِ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: يُقْبَلُ، كَمَا لَوِ ادَّعَتْ مُعْتَدَّةً بِالْأَقْرَاءِ انْقِضَاءَهَا قَبْلَ زَمَنِ الْإِمْكَانِ، وَكَذَّبْنَاهَا، وَأَصَرَّتْ عَلَى الدَّعْوَى حَتَّى جَاءَ زَمَنُ الْإِمْكَانِ، فَإِنَّا نَحْكُمُ بِانْقِضَائِهَا لِأَوَّلِ زَمَنِ الْإِمْكَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute