وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: التَّحْرِيمُ، وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ الْبُوَيْطِيِّ وَالرَّبِيعِ، وَمُوسَى بْنِ أَبِي جَارُودٍ، وَأَجْرَوْا هَذَا الْخِلَافَ فِي الرِّكَابِ وَبُرَةِ النَّاقَةِ مِنَ الْفِضَّةِ. وَقَطَعَ كَثِيرُونَ مِنَ الْأَئِمَّةِ بِتَحْرِيمِ الْقِلَادَةِ لِلدَّابَّةِ، وَلَا يَجُوزُ تَحْلِيَةُ شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا بِالذَّهَبِ قَطْعًا. وَيَحْرُمُ عَلَى النِّسَاءِ تَحْلِيَةُ آلَاتِ الْحَرْبِ بِالْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ اسْتِعْمَالَهُنَّ ذَلِكَ تَشَبُّهًا بِالرِّجَالِ وَلَيْسَ لَهُنَّ التَّشَبُّهُ، كَذَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ، وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَاحِبُ الْمُعْتَمَدِ بِأَنَّ آلَاتِ الْحَرْبِ مِنْ غَيْرِ تَحْلِيَةٍ إِمَّا أَنْ يَجُوزَ لُبْسُهَا وَاسْتِعْمَالُهَا لِلنِّسَاءِ، أَوْ لَا. وَالثَّانِي: بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ مِنْ مَلَابِسِ الرِّجَالِ، إِنَّمَا يَقْتَضِي الْكَرَاهَةَ دُونَ التَّحْرِيمِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَالَ فِي الْأُمِّ: وَلَا أَكْرَهُ لِلرَّجُلِ لُبْسَ اللُّؤْلُؤِ إِلَّا لِلْأَدَبِ وَأَنَّهُ مِنْ زِيِّ النِّسَاءِ، لَا لِلتَّحْرِيمِ، فَلَمْ يُحَرِّمْ زِيَّ النِّسَاءِ عَلَى الرِّجَالِ، وَإِنَّمَا كَرِهَهُ، وَكَذَا عَكْسُهُ، وَلِأَنَّ الْمُحَارِبَةَ جَائِزَةٌ لِلنِّسَاءِ فِي الْجُمْلَةِ، وَفِي جَوَازِهَا جَوَازُ لُبْسِ آلَاتِهَا، وَإِذَا جَازَ اسْتِعْمَالُهَا غَيْرَ مُحَلَّاةٍ، جَازَ مَعَ التَّحْلِيَةِ؛ لِأَنَّ التَّحَلِّيَ لَهُنَّ أَجْوَزُ مِنْهُ لِلرِّجَالِ، وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قُلْتُ: الصَّوَابُ أَنَّ تَشَبُّهَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ وَعَكْسَهُ حَرَامٌ؛ لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: لَعَنَ اللَّهُ الْمُتَشَبِّهِينَ بِالنِّسَاءِ مِنَ الرِّجَالِ، وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ وَقَدْ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ بِتَحْرِيمِهِ بَعْدَ هَذَا بِأَسْطُرٍ. وَأَمَّا نَصُّهُ فِي الْأُمِّ فَلَيْسَ مُخَالِفًا لِهَذَا؛ لِأَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ زِيِّ النِّسَاءِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَيَجُوزُ لِلنِّسَاءِ لُبْسُ أَنْوَاعِ الْحُلِيِّ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، كَالطَّوْقِ، وَالْخَاتَمِ، وَالسِّوَارِ، وَالْخَلْخَالِ، وَالتَّعَاوِيذِ. وَفِي اتِّخَاذِهِنَّ النِّعَالَ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: الْجَوَازُ كَسَائِرِ الْمَلْبُوسَاتِ، وَالثَّانِي: لَا؛ لِلْإِسْرَافِ. وَأَمَّا التَّاجُ فَقَالُوا: إِنْ جَرَتْ عَادَةُ النِّسَاءِ بِلُبْسِهِ جَازَ، وَإِلَّا فَهُوَ لِبَاسُ عُظَمَاءِ الْفُرْسِ، فَيَحْرُمُ. وَكَأَنَّ مَعْنَى هَذَا أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِعَادَةِ أَهْلِ النَّوَاحِي، فَحَيْثُ جَرَتْ عَادَةُ النِّسَاءِ بِلُبْسِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute