للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِيمَا إِذَا كَانَتِ الثَّمَرَةُ حَاصِلَةً عِنْدَ الْمُشْتَرِي، وَبَدَا الصَّلَاحُ فِي مِلْكِهِ. أَمَّا إِذَا أَطْلَعَتْ بَعْدَ الشِّرَاءِ، فَهَذِهِ ثَمَرَةٌ حَدَثَتْ مِنْ شَجَرِ التِّجَارَةِ، وَفِي ضَمِّهَا إِلَى مَالِ التِّجَارَةِ وَجْهَانِ تَقَدَّمَا، فَإِنْ ضَمَمْنَاهَا، فَهِيَ كَالْحَاصِلَةِ عِنْدَ الشِّرَاءِ، وَتُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ زِيَادَةٍ مُتَّصِلَةٍ، أَوْ أَرْبَاحٍ مُتَجَدِّدَةٍ فِي قِيمَةِ الْعَرْضِ، وَلَا تُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ رِبْحٍ بِنَضٍّ، لِيَكُونَ حَوْلُهَا عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ فِيهِ. فَإِنْ قُلْنَا: لَيْسَتْ مَالَ تِجَارَةٍ، فَمُقْتَضَاهُ وُجُوبُ زَكَاةِ الْعَيْنِ فِيهَا بِلَا خِلَافٍ، وَتَخْصِيصُ زَكَاةِ التِّجَارَةِ بِالْأَرْضِ وَالْأَشْجَارِ.

التَّفْرِيعُ: إِنْ غَلَّبْنَا زَكَاةَ الْعَيْنِ أُخْرِجَ الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُهُ مِنَ الثِّمَارِ وَالزَّرْعِ، وَهَلْ تَسْقُطُ بِهِ زَكَاةُ الْتِّجَارَةِ عَنْ قِيمَةِ جِذْعِ النَّخْلِ، وَتِبْنِ الزَّرْعِ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: لَا يَسْقُطُ. وَفِي أَرْضِ النَّخْلِ وَالزَّرْعِ طَرِيقَانِ، أَحَدُهُمَا: عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي الْجِذْعِ وَالتِّبْنِ، وَالثَّانِي: الْقَطْعُ بِالْوُجُوبِ لِبُعْدِ الْأَرْضِ عَنِ التَّبِعَةِ. قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ ذَلِكَ بِمَا يَدْخُلُ فِي الْأَرْضِ الْمُتَخَلِّلَةِ بَيْنَ النَّخِيلِ فِي الْمُسَاقَاةِ، وَمَا لَا يَدْخُلُ. فَمَا لَا يَدْخُلُ تَجِبُ فِيهِ زَكَاةُ التِّجَارَةِ قَطْعًا، وَمَا يَدْخُلُ فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ. وَإِذَا أَوْجَبْنَا زَكَاةَ التِّجَارَةِ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، فَلَمْ تَبْلُغْ قِيمَتُهَا نِصَابًا، فَهَلْ يُضَمُّ قِيمَةُ الثَّمَرَةِ وَالْحَبِّ إِلَيْهَا لِيَكْمُلَ النِّصَابُ؟ وَجْهَانِ.

قُلْتُ: أَصَحُّهُمَا: لَا ضَمَّ، وَمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَا يَسْقُطُ اعْتِبَارُ التِّجَارَةِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، بَلْ تَجِبُ زَكَاةُ التِّجَارَةِ فِي الْأَحْوَالِ الْمُسْتَقْبَلَةِ. وَيَكُونُ ابْتِدَاءُ حَوْلِ التِّجَارَةِ مِنْ وَقْتِ إِخْرَاجِ الْعُشْرِ، لَا مِنْ بُدُوِّ الصَّلَاحِ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ تَرْبِيَةُ الثِّمَارِ لِلْمَسَاكِينِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ زَمَانُ التَّرْبِيَةِ مَحْسُوبًا عَلَيْهِ. فَأَمَّا إِذَا غَلَّبْنَا زَكَاةَ التِّجَارَةِ، فَتُقَوَّمُ الثَّمَرَةُ وَالْجِذْعُ، وَفِي الزَّرْعِ الْحَبُّ وَالتِّبْنُ. وَتُقَوَّمُ الْأَرْضُ أَيْضًا فِيهِمَا، وَسَوَاءٌ اشْتَرَاهَا مَزْرُوعَةً لِلتِّجَارَةِ أَوِ اشْتَرَى بَذْرًا وَأَرْضًا لِلتِّجَارَةِ وَزَرَعَهَا بِهِ فِي جَمِيعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>