فَلَمْ تَبْلُغْ نِصَابًا ثُمَّ ارْتَفَعَتِ الْقِيمَةُ بَعْدَ شَهْرٍ هَلْ تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ، أَمْ يَنْتَظِرُ آخِرَ الْحَوْلِ الثَّانِي؟ فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ، وَجَبَتْ زَكَاةُ التِّجَارَةِ فِي مَالِ التِّجَارَةِ، وَحِينَئِذٍ يَجِبُ حَقُّ الْمَعْدِنِ فِي النَّيْلِ قَطْعًا. وَإِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي، فَفِي وُجُوبِ حَقِّ الْمَعْدِنِ الْوَجْهَانِ، وَجَمِيعُ مَا ذَكَرْنَاهُ مُفَرَّعٌ عَلَى الْمَذْهَبِ أَنَّ الْحَوْلَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي حَقِّ الْمَعْدِنِ. فَإِنْ شَرَطْنَاهُ انْعَقَدَ الْحَوْلُ عَلَيْهِ مِنْ حِينِ وَجَدَهُ.
فَرْعٌ
لَا يُمَكَّنُ ذَمِّيٌّ مِنْ حَفْرِ مَعَادِنِ دَارِ الْإِسْلَامِ وَالْأَخْذِ مِنْهَا، كَمَا لَا يُمَكَّنُ مِنَ الْإِحْيَاءِ فِيهَا، وَلَكِنْ مَا أَخَذَهُ قَبْلَ إِزْعَاجِهِ يَمْلِكُهُ، كَمَا لَوِ احْتَطَبَ. وَهَلْ عَلَيْهِ حَقُّ الْمَعْدِنِ؟ يُبْنَى عَلَى أَنَّ مَصْرِفَ حَقِّ الْمَعْدِنِ مَاذَا؟ فَإِنْ أَوْجَبْنَا فِيهِ رُبُعَ الْعُشْرِ، فَمَصْرِفُهُ مَصْرِفُ الزَّكَوَاتِ، وَإِنْ أَوْجَبْنَا الْخُمُسَ، فَطَرِيقَانِ: الْمَذْهَبُ وَالَّذِي قَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُونَ: مَصْرِفُ الزَّكَوَاتِ، وَالثَّانِي: عَلَى قَوْلَيْنِ أَظْهَرُهُمَا هَذَا، وَالثَّانِي: مَصْرِفُ خُمُسِ خُمُسِ الْفَيْءِ. فَإِنْ قُلْنَا بِهَذَا أُخِذَ مِنَ الذِّمِّيِّ الْخُمُسُ، وَإِنْ قُلْنَا بِالْمَذْهَبِ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ شَيْءٌ. وَعَلَى الْمَذْهَبِ تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ فِيهِ. وَعَلَى قَوْلِ مَصْرِفِ الْفَيْءِ، لَا تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ. وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَخْرِجُ مِنَ الْمَعْدِنِ مُكَاتَبًا لَمْ يُمْنَعْ، وَلَا زَكَاةَ. وَلَوْ نَالَ الْعَبْدُ مِنَ الْمَعْدِنِ شَيْئًا فَهُوَ لِسَيِّدِهِ وَعَلَيْهِ وَاجِبَةٌ. وَلَوْ أَمَرَهُ السَّيِّدُ بِذَلِكَ لِيَكُونَ النَّيْلُ لَهُ، فَقَدْ بَنَاهُ صَاحِبُ «الشَّامِلِ» عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي مِلْكِ الْعَبْدِ بِتَمْلِيكِ السَّيِّدِ، وَحَظُّ الزَّكَاةِ مِنَ الْقَوْلَيْنِ مَا قَدَّمْنَاهُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ السُّلْطَانَ وَالْحَاكِمَ يُزْعِجُ الذِّمِّيَّ عَنْ مَعْدِنِ دَارِ الْإِسْلَامِ. وَيَنْقَدِحُ جَوَازُ إِزْعَاجِهِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ؛ لِأَنَّهُ صَاحِبُ حَقِّ فِيهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute