الْغَائِبُ، فَإِنْ عُلِمَ حَيَاتُهُ وَكَانَ فِي طَاعَتِهِ، وَجَبَتْ فِطْرَتُهُ، وَإِنْ كَانَ آبِقًا، فَفِيهِ الطَّرِيقَانِ، كَالْمَغْصُوبِ. وَإِنْ كَانَ لَمْ يُعْلَمْ حَيَاتُهُ، وَانْقَطَعَ خَبَرُهُ مَعَ تَوَاصُلِ الرِّفَاقِ، فَطَرِيقَانِ.
أَحَدُهُمَا: الْقَطْعُ بِوُجُوبِهَا، وَالثَّانِي: عَلَى قَوْلَيْنِ. وَالْمَذْهَبُ: عَلَى الْجُمْلَةِ وُجُوبُهَا.
وَالْمَذْهَبُ: أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ لَا يُجْزِئُ عِتْقُهُ عَنِ الْكَفَّارَةِ. ثُمَّ إِذَا أَوْجَبْنَا الْفِطْرَةَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ، فَالْمَذْهَبُ: وُجُوبُ إِخْرَاجِهَا فِي الْحَالِ. وَنَصَّ فِي «الْإِمْلَاءِ» عَلَى قَوْلَيْنِ فِيهِ.
فَرْعٌ
الْعَبْدُ يُنْفِقُ عَلَى زَوْجَتِهِ مِنْ كَسْبِهِ، وَلَا يُخْرِجُ الْفِطْرَةَ عَنْهَا حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً، لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِفِطْرَةِ نَفْسِهِ، فَكَيْفَ يَحْمِلُ عَنْ غَيْرِهِ؟ بَلْ تَجِبُ عَلَى الزَّوْجَةِ فِطْرَةُ نَفْسِهَا إِنْ كَانَتْ حُرَّةً، وَعَلَى السَّيِّدِ إِنْ كَانَتْ أَمَةً عَلَى الْمَذْهَبِ فِيهِمَا.
وَقِيلَ: فِيهِمَا الْقَوْلَانِ السَّابِقَانِ فِيمَا إِذَا كَانَ الزَّوْجُ حُرًّا مُعْسِرًا.
وَلَوْ مَلَّكَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ شَيْئًا، وَقُلْنَا: يَمْلِكُهُ، لَمْ يَكُنْ لَهُ إِخْرَاجُ فِطْرَةِ زَوْجَتِهِ اسْتِقْلَالًا، لِأَنَّهُ مِلْكٌ ضَعِيفٌ، فَلَوْ صَرَّحَ فِي الْإِذْنِ بِالصَّرْفِ إِلَى هَذِهِ الْجِهَةِ
[فَوَجْهَانِ] .
فَإِنْ قُلْنَا: لَهُ ذَلِكَ، فَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ الرُّجُوعُ عَنِ الْإِذْنِ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ، لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ إِذَا ثَبَتَ فَلَا مِدْفَعَ لَهُ.
إِذَا أَوْصَى بِمَنْفَعَةِ عَبْدٍ لِرَجُلٍ، وَبِرَقَبَتِهِ لِآخَرَ، فَفِطْرَتُهُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِالرَّقَبَةِ قَطْعًا. وَهَلْ تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ، أَمْ عَلَى الْآخَرِ، أَوْ فِي بَيْتِ الْمَالِ؟
[فِيهِ] ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ.
قُلْتُ: الْأَصَحُّ: أَنَّهَا عَلَى مَالِكِ الرَّقَبَةِ، وَأَنَّ الْفِطْرَةَ كَالنَّفَقَةِ وَهِيَ مُعَادَةٌ فِي الْوَصِيَّةِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute