للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَرْعٌ

لَا يُجْزِئُ الْمُسَوِّسُ وَالْمَعِيبُ. وَإِذَا جَوَّزْنَا الْأَقِطَ، لَمْ يَجُزْ إِخْرَاجُ الْمُمَلَّحِ الَّذِي أَفْسَدَ كَثْرَةُ الْمِلْحِ جَوْهَرَهُ. فَإِنْ كَانَ الْمِلْحُ ظَاهِرًا عَلَيْهِ، فَالْمِلْحُ غَيْرُ مَحْسُوبٍ، وَالشَّرْطُ أَنْ يُخْرِجَ قَدْرًا يَكُونُ مَحْضُ الْأَقِطِ مِنْهُ صَاعًا.

وَيُجْزِئُ الْحَبُّ الْقَدِيمُ وَإِنْ قَلَّتْ قِيمَتُهُ إِذَا لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَلَوْنُهُ. وَلَا يُجْزِئُ الدَّقِيقُ وَلَا السَّوِيقُ، وَلَا الْخُبْزُ، كَمَا لَا تُجْزِئُ الْقِيمَةُ.

وَقَالَ الْأَنْمَاطِيُّ: يُجْزِئُ الدَّقِيقُ. قَالَ ابْنُ عَبْدَانَ: مُقْتَضَى قَوْلِهِ، إِجْزَاءُ السَّوِيقِ وَالْخُبْزِ، قَالَ: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إِشْبَاعُ الْمَسَاكِينِ فِي هَذَا الْيَوْمِ.

وَالْمَعْرُوفُ فِي الْمَذْهَبِ: مَا قَدَّمْنَاهُ. وَأَمَّا الْأَقْوَاتُ النَّادِرَةُ الَّتِي لَا زَكَاةَ فِيهَا، كَالْفَثِّ وَالْحَنْظَلِ، فَلَا تُجْزِئُ قَطْعًا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوِ اقْتَاتُوا ثَمَرَةً لَا عُشْرَ فِيهَا.

فَرْعٌ

فِي الْوَاجِبِ مِنَ الْأَجْنَاسِ الْمُجْزِئَةِ، ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ. أَصَحُّهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ: غَالِبُ قُوتِ الْبَلَدِ، وَالثَّانِي: قُوتُ نَفْسِهِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ عَبْدَانَ، وَالثَّالِثُ: يَتَخَيَّرُ فِي الْأَجْنَاسِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ.

ثُمَّ إِذَا أَوْجَبْنَا قُوتَ نَفْسِهِ أَوِ الْبَلَدِ، فَعَدَلَ إِلَى مَا دُونَهُ، لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ عَدَلَ إِلَى أَعْلَى مِنْهُ، جَازَ بِالِاتِّفَاقِ. وَفِيمَا يُعْتَدُّ بِهِ الْأَعْلَى وَالْأَدْنَى، وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الِاعْتِبَارُ بِزِيَادَةِ صَلَاحِيَّةِ الِاقْتِيَاتِ، وَالثَّانِي: بِالْقِيمَةِ.

فَعَلَى هَذَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَوْقَاتِ وَالْبِلَادِ، إِلَّا أَنْ تُعْتَبَرَ زِيَادَةُ الْقِيمَةِ فِي الْأَكْثَرِ. وَعَلَى الْأَوَّلِ، الْبُرُّ خَيْرٌ مِنَ التَّمْرِ وَالْأُرْزِ، وَرُجِّحَ فِي «التَّهْذِيبِ» الشَّعِيرُ عَلَى التَّمْرِ، وَعَكَسَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَلَهُ فِي الزَّبِيبِ وَالشَّعِيرِ، وَفِي التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ، تَرَدُّدٌ.

قَالَ الْإِمَامُ: وَالْأَشْبَهُ تَقْدِيمُ التَّمْرِ عَلَى الزَّبِيبِ. وَإِذَا قُلْنَا: الْمُعْتَبَرُ قُوتُ نَفْسِهِ، وَكَانَ يَلِيقُ بِهِ الْبُرُّ وَهُوَ يَقْتَاتُ الشَّعِيرَ بُخْلًا، لَزِمَهُ الْبُرُّ، وَلَوْ كَانَ يَلِيقُ بِهِ الشَّعِيرُ، فَكَانَ يَتَنَعَّمُ وَيَقْتَاتُ الْبُرُّ، فَالْأَصَحُّ: أَنَّهُ يُجْزِئُهُ الشَّعِيرُ، وَالثَّانِي: يَتَعَيَّنُ الْبُرُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>