إِلَيْهِ مِنْ سَهْمِ الرِّقَابِ، وَلَكِنْ يُصْرَفُ إِلَيْهِ مِنْ سَهْمِ الْغَارِمِينَ، كَمَا لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَلْفٍ، فَقَبِلَ، عُتِقَ، وَيُعْطَى الْأَلْفَ مِنْ سَهْمِ الْغَارِمِينَ.
الصِّنْفُ السَّادِسُ: الْغَارِمُونَ، وَالدُّيُونُ ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ.
الْأَوَّلُ: دَيْنٌ لَزِمَهُ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ، فَيُعْطَى مِنَ الزَّكَاةِ مَا يَقْضِي بِهِ بِشُرُوطٍ.
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ بِهِ حَاجَةٌ إِلَى قَضَائِهِ مِنْهَا، فَلَوْ وَجَدَ مَا يَقْضِيهِ مِنْ نَقْدٍ أَوْ عَرَضٍ، فَقَوْلَانِ.
الْقَدِيمُ: يُعْطَى لِلْآيَةِ، وَكَالْغَارِمِ لِذَاتِ الْبَيْنِ. وَالْأَظْهَرُ: الْمَنْعُ، كَالْمُكَاتَبِ وَابْنِ السَّبِيلِ. فَعَلَى هَذَا، لَوْ وَجَدَ مَا يَقْضِي بِهِ بَعْضَ الدَّيْنِ، أُعْطِيَ الْبَقِيَّةَ فَقَطْ، فَلَوْ لَمْ يَمْلِكْ شَيْئًا، وَلَكِنْ يَقْدِرُ عَلَى قَضَائِهِ بِالِاكْتِسَابِ، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: لَا يُعْطَى كَالْفَقِيرِ، وَأَصَحُّهُمَا: يُعْطَى، لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى قَضَائِهِ إِلَّا بَعْدَ زَمَنٍ.
وَالْفَقِيرُ يُحَصِّلُ حَاجَتَهُ فِي الْحَالِ، وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِي الْمُكَاتَبِ إِذَا لَمْ يَمْلِكْ شَيْئًا، لَكِنَّهُ كَسُوبٌ. وَأَمَّا مَعْنَى الْحَاجَةِ الْمَذْكُورَةِ، فَعِبَارَةُ الْأَكْثَرِينَ، تَقْتَضِي كَوْنَهُ فَقِيرًا لَا يَمْلِكُ شَيْئًا، وَرُبَّمَا صَرَّحُوا بِهِ.
وَفِي بَعْضِ شُرُوحِ الْمِفْتَاحِ، أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ الْمَسْكَنُ، وَالْمَلْبَسُ، وَالْفِرَاشُ، وَالْآنِيَةُ. وَكَذَا الْخَادِمُ، وَالْمَرْكُوبُ إِنِ اقْتَضَاهُمَا حَالُهُ، بَلْ يُقْضَى دَيْنُهُ وَإِنْ مَلَكَهَا.
وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: لَا يُعْتَبَرُ الْفَقْرُ وَالْمَسْكَنَةُ هُنَا، بَلْ لَوْ مَلَكَ قَدْرَ كِفَايَتِهِ، وَكَانَ لَوْ قَضَى دَيْنَهُ لَنَقَصَ مَالُهُ عَنْ كِفَايَتِهِ، تُرِكَ مَعَهُ مَا يَكْفِيهِ، وَأُعْطِيَ مَا يَقْضِي بِهِ الْبَاقِيَ، وَهَذَا أَقْرَبُ.
الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ دَيْنُهُ لِنَفَقَةٍ فِي طَاعَةٍ أَوْ مُبَاحٍ، فَإِنْ كَانَ فِي مَعْصِيَةٍ، كَالْخَمْرِ، وَالْإِسْرَافِ فِي النَّفَقَةِ، لَمْ يُعْطَ قَبْلَ التَّوْبَةِ عَلَى الصَّحِيحِ، فَإِنْ تَابَ، فَفِي إِعْطَائِهِ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا فِي «الشَّامِلِ» وَ «التَّهْذِيبِ» : لَا يُعْطَى، وَبِهِ قَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَأَصَحُّهُمَا عِنْدَ أَبِي خَلَفٍ السُّلَمِيِّ وَالرُّويَانِيِّ: يُعْطَى، وَقُطِعَ بِهِ فِي «الْإِفْصَاحِ» وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ.
قُلْتُ: جَزَمَ الْإِمَامُ الرَّافِعِيُّ فِي «الْمُحَرَّرِ» بِالْوَجْهِ الْأَوَّلِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.