فَرْعٌ
لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ غَرِمَ وَأَخَذَ الزَّكَاةَ، ثُمَّ بَانَ كَذِبُ الشُّهُودِ، فَفِي سُقُوطِ الْفَرْضِ، الْقَوْلَانِ، فِيمَنْ دَفَعَهَا إِلَى مَنْ ظَنَّهُ فَقِيرًا، فَبَانَ غَنِيًّا، قَالَهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ.
وَلَوْ دَفَعَ إِلَيْهِ، وَشَرَطَ أَنْ يَقْضِيَهُ ذَلِكَ عَنْ دَيْنِهِ، لَمْ يُجْزِئْهُ قَطْعًا، وَلَا يَصِحُّ قَضَاءُ الدَّيْنِ بِهَا.
قُلْتُ: وَلَوْ نَوَيَا ذَلِكَ وَلَمْ يَشْرُطَاهُ، جَازَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ فِي «التَّهْذِيبِ» : وَلَوْ قَالَ الْمَدْيُونُ: ادْفَعْ إِلَيَّ زَكَاتَكَ حَتَّى أَقْضِيَكَ دَيْنَكَ، فَفَعَلَ، أَجْزَأَهُ عَنِ الزَّكَاةِ، وَلَا يَلْزَمُ الْمَدْيُونَ دَفْعُهُ إِلَيْهِ عَنْ دَيْنِهِ.
وَلَوْ قَالَ صَاحِبُ الدَّيْنِ: اقْضِ مَا عَلَيْكَ، لِأَرُدَّهُ عَلَيْكَ مِنْ زَكَاتِي، فَفَعَلَ، صَحَّ الْقَضَاءُ، وَلَا يَلْزَمُهُ رَدُّهُ.
قَالَ الْقَفَّالُ: وَلَوْ كَانَ لَهُ عِنْدَ الْفَقِيرِ حِنْطَةٌ وَدِيعَةٌ، فَقَالَ: كِلْ لِنَفْسِكَ كَذَا، وَنَوَاهُ زَكَاةً، فَفِي إِجْزَائِهِ عَنِ الزَّكَاةِ وَجْهَانِ. وَوَجْهُ الْمَنْعِ أَنَّ الْمَالِكَ لَمْ يَكِلْهُ. فَلَوْ كَانَ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ ذَلِكَ الْقَدْرِ، فَاشْتَرَاهُ فَقَبَضَهُ، وَقَالَ الْمُوَكِّلُ: خُذْهُ لِنَفْسِكَ، وَنَوَاهُ زَكَاةً، أَجْزَأَهُ، لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى كَيْلِهِ.
قُلْتُ: ذَكَرَ صَاحِبُ «الْبَيَانِ» : أَنَّهُ لَوْ مَاتَ رَجُلٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَا وَفَاءَ لَهُ، فَفِي قَضَائِهِ مِنْ سَهْمِ الْغَارِمِينَ وَجْهَانِ، وَلَمْ يُبَيِّنِ الْأَصَحَّ.
وَالْأَصَحُّ الْأَشْهَرُ: لَا يُقْضَى مِنْهُ، وَلَوْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَقَالَ: جَعَلْتُهُ عَنْ زَكَاتِي، لَا يُجُزِئُهُ عَلَى الْأَصَحِّ حَتَّى يَقْبِضَهُ، ثُمَّ يَرُدُّهُ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ، وَعَلَى الثَّانِي: يُجْزِئُهُ كَمَا لَوْ كَانَ وَدِيعَةً، حَكَاهُ فِي «الْبَيَانِ» وَلَوْ ضَمِنَ دِيَةَ مَقْتُولٍ عَنْ قَاتِلٍ لَا يُعْرَفُ، أُعْطِيَ مَعَ الْفَقْرِ وَالْغِنَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute