للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنْهَا الْمَعْشَرُ، وَزَكَاةَ النَّقْدَيْنِ وَالْمَوَاشِي وَالتِّجَارَةِ إِلَى فُقَرَاءِ الْبَلَدِ الَّذِي تَمَّ فِيهِ حَوْلُهَا، فَإِنْ كَانَ الْمَالُ عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ فِي بَادِيَةٍ، صُرِفَ إِلَى فُقَرَاءِ أَقْرَبِ الْبِلَادِ إِلَيْهِ.

قُلْتُ: وَلَوْ كَانَ تَاجِرًا مُسَافِرًا، صَرَفَهَا حَيْثُ حَالَ الْحَوْلُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَلَوْ كَانَ مَالُهُ فِي مَوَاضِعَ مُتَفَرِّقَةٍ، قُسِّمَ زَكَاةُ كُلِّ طَائِفَةٍ مِنْ مَالٍ بِبَلَدِهَا، مَا لَمْ يَقَعْ تَشْقِيصٌ، فَإِنْ وَقَعَ، بِأَنْ مَلَكَ أَرْبَعِينَ مِنَ الْغَنَمِ، عِشْرِينَ بِبَلَدٍ، وَعِشْرِينَ بِآخَرَ، فَأَدَّى شَاةً فِي أَحَدِ الْبَلَدَيْنِ.

قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: كَرِهْتُهُ، وَأَجْزَأَهُ. وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، وَقَطَعَ بِهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ. سَوَاءٌ جَوَّزْنَا نَقْلَ الصَّدَقَةِ، أَمْ لَا.

وَقَالَ أَبُو حَفْصِ ابْنُ الْوَكِيلِ: هَذَا جَائِزٌ، إِنْ جَوَّزْنَا نَقْلَ الصَّدَقَةِ، وَإِلَّا فَيُؤَدِّي فِي كُلِّ بَلَدٍ نِصْفَ شَاةٍ. وَالصَّوَابُ: الْأَوَّلُ. وَعَلَّلُوهُ بِعِلَّتَيْنِ.

إِحْدَاهُمَا: أَنَّ لَهُ فِي كُلِّ بَلَدٍ مَالًا، فَيُخْرِجُ فِيهَا شَاةً مِنْهَا، وَالثَّانِيَةُ: أَنَّ الْوَاجِبَ شَاةٌ، فَلَا تَشْقِيصَ. وَيَتَفَرَّعُ عَلَيْهِمَا، مَا لَوْ مَلَكَ مِائَةً بِبَلَدٍ، وَمِائَةً بِبَلَدٍ آخَرَ، فَعَلَى الْأَوَّلِ، لَهُ إِخْرَاجُ الشَّاتَيْنِ فِي أَيِّهِمَا شَاءَ، وَعَلَى الثَّانِي: لَا يُجْزِئُهُ ذَلِكَ، وَهُوَ الْأَصَحُّ.

وَأَمَّا زَكَاةُ الْفِطْرِ، إِذَا كَانَ مَالُهُ بِبَلَدٍ، وَهُوَ بِآخَرَ، فَأَيُّهُمَا يُعْتَبَرُ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: بِبَلَدِ الْمَالِكِ.

قُلْتُ: وَلَوْ كَانَ لَهُ مَنْ تَلْزَمُهُ فِطْرَتُهُ وَهُوَ بِبَلَدٍ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِبَلَدِ الْمُؤَدَّى عَنْهُ. وَقَالَ فِي «الْبَيَانِ» : الَّذِي يَقْتَضِي الْمَذْهَبَ، أَنَّهُ يُبْنَى عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى الْمُؤَدِّي ابْتِدَاءً، أَمْ عَلَى الْمُؤَدَّى عَنْهُ فَتُصْرَفُ فِي بَلَدِ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>