للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قُلْتُ: هَذَا الِاحْتِمَالُ الَّذِي ذَكَرَاهُ، نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي «الْبَوَيْطِيِّ» لَكِنْ قَالَ: لَا يَجُوزُ الْفِطْرُ إِنْ لَمْ يَصِحَّ الْحَدِيثُ بِالْفِطْرِ. وَقَدْ صَحَّ الْحَدِيثُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَاعْلَمْ، أَنَّ لِلْمُسَافِرِ الصَّوْمَ وَالْفِطْرَ. ثُمَّ إِنْ كَانَ لَا يَتَضَرَّرُ بِالصَّوْمِ، فَهُوَ أَفْضَلُ، وَإِلَّا، فَالْفِطْرُ أَفْضَلُ. وَذُكِرَ فِي «التَّتِمَّةِ» : أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَضَرَّرْ فِي الْحَالِ، لَكِنْ يَخَافُ الضَّعْفَ لَوْ صَامَ، أَوْ كَانَ سَفَرَ حَجٍّ، أَوْ غَزْوٍ، فَالْفِطْرُ أَوْلَى. وَقَدْ تَقَدَّمَ أَصْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي صَلَاةِ الْمُسَافِرِ.

فَرْعٌ.

فِي أَحْكَامِ الْفِطْرِ.

كُلُّ مَنْ تَرَكَ النِّيَّةَ الْوَاجِبَةَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا، فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ. وَكَذَا كُلُّ مَنْ أَفْطَرَ، لَكِنْ لَوْ كَانَ إِفْطَارُهُ يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ، فَفِيهِ خِلَافٌ نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَمَا فَاتَ بِسَبَبِ الْكُفْرِ الْأَصْلِيِّ، لَا قَضَاءَ فِيهِ، وَيَجِبُ الْقَضَاءُ عَلَى الْمُرْتَدِّ. وَالْمُسَافِرُ، وَالْمَرِيضُ إِذَا أَفْطَرَا، قَضَيَا. وَمَا فَاتَ بِالْإِغْمَاءِ، يَجِبُ قَضَاؤُهُ، سَوَاءٌ اسْتَغْرَقَ جَمِيعَ الشَّهْرِ، أَمْ لَا، لِأَنَّهُ نَوْعُ مَرَضٍ، بِخِلَافِ الْجُنُونِ.

وَلِهَذَا يَجُوزُ الْإِغْمَاءُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَلَا يَجُوزُ عَلَيْهِمُ الْجُنُونُ. وَعَنِ ابْنِ سُرَيْجٍ: أَنَّ الْإِغْمَاءَ إِذَا اسْتَغْرَقَ، فَلَا قَضَاءَ.

وَمَا فَاتَ بِالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ، وَجَبَ قَضَاؤُهُ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ صَوْمٌ، وَلَا قَضَاءٌ، سَوَاءٌ اسْتَغْرَقَ الْجُنُونُ النَّهَارَ، أَوِ الشَّهْرَ، أَمْ لَا.

وَحُكِيَ قَوْلٌ شَاذٌّ: أَنَّ الْجُنُونَ كَالْإِغْمَاءِ، فَيَجِبُ الْقَضَاءُ. وَقَوْلٌ: أَنَّهُ إِذَا أَفَاقَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>