فَفِي «التَّهْذِيبِ» وَغَيْرِهِ: أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ، لِأَنَّهَا تَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ. وَهَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُفَرَّعًا عَلَى تَجْوِيزِ الْإِفْطَارِ وَالْحَالَةِ هَذِهِ، وَإِلَّا فَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ وَفَاءً بِالضَّابِطِ الْمَذْكُورِ لِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ.
وَلَوْ أَكَلَ الصَّائِمُ نَاسِيًا، فَظَنَّ بُطْلَانَ صَوْمِهِ، فَجَامَعَ، فَهَلْ يُفْطِرُ؟ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: لَا، كَمَا لَوْ سَلَّمَ مِنَ الظُّهْرِ نَاسِيًا وَتَكَلَّمَ عَامِدًا، لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ.
وَأَصَحُّهُمَا وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ: يُفْطِرُ، كَمَا لَوْ جَامَعَ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّ الْفَجْرَ لَمْ يَطْلُعْ فَبَانَ خِلَافُهُ. وَعَلَى هَذَا، لَا كَفَّارَةَ لِأَنَّهُ وَطِئَ وَهُوَ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ غَيْرُ صَائِمٍ، وَعَنِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ: أَنَّهُ يَحْتَمِلُ وُجُوبَهَا، لِأَنَّهُ ظَنٌّ لَا يُبِيحُ الْوَطْءَ. وَلَوْ أَفْطَرَ الْمُسَافِرُ بِالزِّنَا مُتَرَخِّصًا، فَلَا كَفَّارَةَ، لِأَنَّهُ وَإِنْ أَثِمَ بِهَذَا الْوَطْءِ، لَكِنَّهُ لَمْ يَأْثَمْ بِهِ بِسَبَبِ الصَّوْمِ، فَإِنَّ الْإِفْطَارَ جَائِزٌ لَهُ.
وَلَوْ زَنَا الْمُقِيمُ نَاسِيًا لِلصَّوْمِ، وَقُلْنَا: الصَّوْمُ يَفْسُدُ بِالْجِمَاعِ نَاسِيًا، فَلَا كَفَّارَةَ عَلَى الْأَصَحِّ، لِأَنَّهُ لَمْ يَأْثَمْ بِسَبَبِ الصَّوْمِ، لِأَنَّهُ نَاسٍ لَهُ.
فَرْعٌ
مَنْ رَأَى هِلَالَ رَمَضَانَ وَحْدَهُ، لَزِمَهُ صَوْمُهُ. فَإِنْ صَامَهُ فَأَفْطَرَ بِالْجِمَاعِ، فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ. وَلَوْ رَأَى هِلَالَ شَوَّالٍ وَحْدَهُ، لَزِمَهُ الْفِطْرُ، وَيُخْفِيهِ لِئَلَّا يُتَّهَمَ، وَإِذَا رُؤِيَ رَجُلٌ يَأْكُلُ يَوْمَ الثَّلَاثِينَ مِنْ رَمَضَانَ بِلَا عُذْرٍ، عُزِّرَ.
فَلَوْ شَهِدَ أَنَّهُ رَأَى الْهِلَالَ، لَمْ يُقْبَلْ، لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي إِسْقَاطِ التَّعْزِيرِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدَ أَوَّلًا فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ، ثُمَّ أَكَلَ، لَمْ يُعَزَّرْ.
لَوْ أَفْطَرَ بِجِمَاعٍ، ثُمَّ جَامَعَ ثَانِيًا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، فَلَا كَفَّارَةَ لِلْجِمَاعِ الثَّانِي، لِأَنَّهُ لَمْ يُفْسِدْ صَوْمًا. فَلَوْ جَامَعَ فِي يَوْمَيْنِ أَوْ أَيَّامٍ، فَعَلَيْهِ لِكُلِّ يَوْمٍ كَفَّارَةٌ، سَوَاءٌ كَفَّرَ عَنِ الْأَوَّلِ، أَمْ لَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute