للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صَرْفُ عَدَدٍ مِنْهَا إِلَى مِسْكِينٍ وَاحِدٍ، بِخِلَافِ أَمْدَادِ الْكَفَّارَةِ، فَإِنَّهُ يَجِبُ صَرْفُ كُلِّ مُدٍّ مِنْهَا إِلَى مِسْكِينٍ، وَتَجِبُ الْفِدْيَةُ بِثَلَاثَةِ طُرُقٍ.

الْأَوَّلُ: فَوَاتُ نَفْسِ الصَّوْمِ، فَمَنْ فَاتَهُ صَوْمُ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ وَمَاتَ قَبْلَ قَضَائِهِ فَلَهُ حَالَانِ. أَحَدُهُمَا: أَنْ يَمُوتَ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنَ الْقَضَاءِ، سَوَاءٌ تَرَكَ الْأَدَاءَ بِعُذْرٍ أَمْ بِغَيْرِهِ، فَلَا بُدَّ مِنْ تَدَارُكِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ. وَفِي صِفَةِ التَّدَارُكِ قَوْلَانِ.

الْجَدِيدُ: أَنَّهُ يُطْعَمُ مِنْ تَرِكَتِهِ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مُدٌّ. وَالْقَدِيمُ: أَنَّهُ يَجُوزُ لِوَلِيِّهِ أَنْ يَصُومَ عَنْهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ. فَعَلَى الْقَدِيمِ: لَوْ أَمَرَ الْوَلِيُّ أَجْنَبِيًّا فَصَامَ عَنْهُ بِأُجْرَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا، جَازَ كَالْحَجِّ. وَلَوِ اسْتَقَلَّ بِهِ الْأَجْنَبِيُّ، لَمْ يُجِزْهُ عَلَى الْأَصَحِّ.

وَهَلِ الْمُعْتَبَرُ عَلَى الْقَدِيمِ الْوِلَايَةُ، أَمْ مُطْلَقُ الْقَرَابَةِ، أَمْ تُشْتَرَطُ الْعُصُوبَةُ، أَمِ الْإِرْثُ؟ تَوَقَّفَ فِيهِ الْإِمَامُ وَقَالَ: لَا نَقْلَ فِيهِ عِنْدِي.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَإِذَا فَحَصْتَ عَنْ نَظَائِرِهِ، وَجَدْتَ الْأَشْبَهَ اعْتِبَارَ الْإِرْثِ.

قُلْتُ: الْمُخْتَارُ، أَنَّ الْمُرَادَ مُطْلَقُ الْقَرَابَةِ. وَفِي «صَحِيحِ مُسْلِمٍ» : أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِامْرَأَةٍ تَصُومُ عَنْ أُمِّهَا وَهَذَا يُبْطِلُ احْتِمَالَ الْعُصُوبَةِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَلَوْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَلَاةٌ أَوِ اعْتِكَافٌ، لَمْ يَقْضِ عَنْهُ وَلَيُّهُ، وَلَا يَسْقُطْ عَنْهُ بِالْفِدْيَةِ. وَنَقَلَ الْبُوَيْطِيُّ: أَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ فِي الِاعْتِكَافِ: يَعْتَكِفُ عَنْهُ وَلَيُّهُ.

وَفِي رِوَايَةٍ: يُطْعِمُ عَنْهُ. قَالَ صَاحِبُ «التَّهْذِيبِ» : وَلَا يَبْعُدُ تَخْرِيجُ هَذَا فِي الصَّلَاةِ، فَيُطْعَمُ عَنْ كُلِّ صَلَاةٍ مُدٌّ. وَإِذَا قُلْنَا بِالْإِطْعَامِ فِي الِاعْتِكَافِ، فَالْقَدْرُ الْمُقَابَلُ بِالْمُدِّ اعْتِكَافُ يَوْمٍ بِلَيْلَتِهِ.

هَكَذَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ عَنْ رِوَايَةِ شَيْخِهِ قَالَ: وَهُوَ مُشْكِلٌ، فَإِنَّ اعْتِكَافَ لَحْظَةٍ، عِبَادَةٌ تَامَّةٌ.

قُلْتُ: لَمْ يُصَحِّحِ الْإِمَامُ الرَّافِعِيُّ وَاحِدًا مِنَ الْجَدِيدِ وَالْقَدِيمِ فِي صَوْمِ الْوَلِيِّ، وَكَأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>