الْمَرْأَةِ فِي حَالِ الِاعْتِدَالِ. وَلَيْسَتْ هَذِهِ الصِّفَاتُ مِنْ خَوَاصِّهِ، فَعَدَمُهَا لَا يَنْفِيهِ، وَوُجُودُهَا لَا يَقْتَضِيهِ. فَلَوْ زَالَتِ الثَّخَانَةُ وَالْبَيَاضُ لِمَرَضٍ، أَوْ خَرَجَ عَلَى لَوْنِ الدَّمِ لِكَثْرَةِ الْجِمَاعِ، وَجَبَ الْغُسْلُ اعْتِمَادًا عَلَى بَعْضِ الْخَوَاصِّ.
وَحُكِيَ وَجْهٌ: أَنَّهُ لَا يَجِبُ بِهَا عَلَى لَوْنِ الدَّمِ، وَهُوَ شَاذٌّ. وَلَوْ تَنَبَّهَ مِنْ نَوْمِهِ فَلَمْ يَرَ إِلَّا الثَّخَانَةَ وَالْبَيَاضَ، فَلَا غُسْلَ، لِأَنَّ الْوَدْيَ يُشَارِكُ الْمَنِيَّ فِيهِمَا، بَلْ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ جَعْلِهِ مَنِيًّا وَمَذْيًا عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَفِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي آخِرِ صِفَةِ الْوُضُوءِ. فَإِنْ قُلْنَا بِالْمَذْهَبِ فَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ الْمَنِيُّ، لِكَوْنِ الْمَذْيِ لَا يَلِيقُ بِحَالِهِ، أَوْ لِتَذَكُّرِ جِمَاعٍ، قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: يُحْتَمَلُ أَنْ تُسْتَصْحَبَ الطَّهَارَةُ، وَأَنْ يُحْمَلَ عَلَى الظَّنِّ. وَالِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ مُقْتَضَى كَلَامِ مُعْظَمِ الْأَصْحَابِ. وَلَوْ أَنْزَلَ فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ خَرَجَتْ بَقِيَّةُ الْمَنِيِّ، وَجَبَ الْغُسْلُ ثَانِيًا قَطْعًا. سَوَاءٌ خَرَجَتْ قَبْلَ الْبَوْلِ، أَوْ بَعْدَهُ.
فَرْعٌ
الْمَرْأَةُ ; كَالرَّجُلِ فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ بِخُرُوجِ مَنِيِّهَا.
قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ: لَا تَعْرِفُ مَنِيَّهَا إِلَّا بِالتَّلَذُّذِ. وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ تَصْرِيحًا وَتَعْرِيضًا: يَطَّرِدُ فِي مَعْرِفَةِ مَنِيِّهَا الْخَوَاصُّ الثَّلَاثُ، كَالرَّجُلِ. وَلَوِ اغْتَسَلَتْ مِنْ جِمَاعٍ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا مَنِيُّ الرَّجُلِ، لَزِمَهَا الْغُسْلُ عَلَى الْمَذْهَبِ بِشَرْطَيْنِ.
أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ ذَاتَ شَهْوَةٍ دُونَ الصَّغِيرَةِ. وَالثَّانِي: أَنْ تَقْضِيَ شَهْوَتَهَا بِذَلِكَ الْجِمَاعِ، كَنَائِمَةٍ وَمُكْرَهَةٍ. فَإِنِ اخْتَلَّ شَرْطٌ، لَمْ يَجِبِ الْغُسْلُ قَطْعًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute