الْقَوْلَيْنِ. وَالثَّانِي: الْقَطْعُ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ. فَإِنْ قُلْنَا فِي الصُّورَتَيْنِ: يُجْزِئُهُ، اسْتَحَقَّ الْأَجِيرُ الْأُجْرَةَ الْمُسَمَّاةَ، وَإِلَّا فَهَلْ يَقَعُ عَنْ تَطَوُّعِ الْمُسْتَأْجِرِ، وَيَكُونُ هَذَا عُذْرًا فِي جَوَازِ وُقُوعِ التَّطَوُّعِ قَبْلَ الْفَرْضِ، كَالرِّقِّ، وَالصِّبَا، أَمْ لَا يَقَعُ عَنْهُ أَصْلًا؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ: الثَّانِي، وَصَحَّحَ الْغَزَالِيُّ الْأَوَّلَ.
فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَقَعُ عَنْهُ أَصْلًا، فَهَلْ يَسْتَحِقُّ الْأَجِيرُ أُجْرَةً؟ قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: لَا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا. وَالثَّانِي: نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ لَهُ فِي اعْتِقَادِهِ فَعَلَى هَذَا، هَلْ يَسْتَحِقُّ الْمُسَمَّى، أَمْ أُجْرَةَ الْمِثْلِ؟ وَجْهَانِ. وَإِذَا قُلْنَا: يَقَعُ عَنْ تَطَوُّعِهِ اسْتَحَقَّ الْأَجِيرُ الْأُجْرَةَ. وَهَلْ هِيَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ أَمِ الْمُسَمَّاةُ؟ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَا يَبْعُدُ تَخْرِيجُهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ.
قُلْتُ: الْأَصَحُّ هُنَا: الْمُسَمَّى. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
فَرْعٌ
لَا يُجْزِئُ الْحَجُّ عَنِ الْمَعْضُوبِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، بِخِلَافِ قَضَاءِ الدَّيْنِ عَنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ يَفْتَقِرُ إِلَى النِّيَّةِ، وَهُوَ أَهْلٌ لِلْإِذْنِ. وَفِيهِ وَجْهٌ: أَنَّهُ يَجُوزُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَهُوَ شَاذٌّ ضَعِيفٌ. وَيَجُوزُ الْحَجُّ عَنِ الْمَيِّتِ، وَيَجِبُ عِنْدَ اسْتِقْرَارِهِ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ أَوْصَى بِهِ، أَمْ لَا. وَيَسْتَوِي فِيهِ الْوَارِثُ وَالْأَجْنَبِيُّ كَالدَّيْنِ. وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَأَمَّا الْمَعْضُوبُ، فَتَلْزَمُهُ الِاسْتِنَابَةُ فِي الْجُمْلَةِ، سَوَاءٌ طَرَأَ الْعَضَبُ بَعْدَ الْوُجُوبِ أَوْ بَلَغَ مَعْضُوبًا وَاجِدًا لِلْمَالِ. ثُمَّ لِوُجُوبِ الِاسْتِنَابَةِ عَلَيْهِ طَرِيقَانِ.
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَجِدَ مَالًا يَسْتَأْجِرُ بِهِ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ. وَشَرْطُهُ: أَنْ يَكُونَ فَاضِلًا عَنِ الْحَاجَاتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute