عَلَيْهَا الْحَجَّ نُظِرَ إِنْ أَدْخَلَهُ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ لَغَا إِدْخَالُهُ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ إِحْرَامُهُ بِالْعُمْرَةِ. وَإِنْ أَدْخَلَهُ فِي أَشْهُرِهِ نُظِرَ إِنْ كَانَ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ، فَفِي صِحَّةِ إِدْخَالِهِ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا، وَهُوَ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ، وَحَكَاهُ عَنْ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ: لَا يَصِحُّ الْإِدْخَالُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى صِحَّةِ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِهِ. وَالثَّانِي: يَصِحُّ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقَفَّالِ، وَبِهِ قَطَعَ صَاحِبُ «الشَّامِلِ» وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَصِيرُ مُحْرِمًا بِالْحَجِّ وَقْتَ إِدْخَالِهِ، وَهُوَ وَقْتٌ صَالِحٌ لِلْحَجِّ.
قُلْتُ: هَذَا الثَّانِي أَصَحُّ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَإِنْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، ثُمَّ أَدْخَلَهُ عَلَيْهَا فِي أَشْهُرِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرَعَ فِي طَوَافِهَا، صَحَّ وَصَارَ قَارِنًا، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ إِدْخَالُهُ. وَفِي عِلَّةِ عَدَمِ الصِّحَّةِ، أَرْبَعَةُ مَعَانٍ.
أَحَدُهَا: لِأَنَّهُ اشْتَغَلَ بِعَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ الْعُمْرَةِ. وَالثَّانِي: لِأَنَّهُ أَتَى بِفَرْضٍ مِنْ فُرُوضِهَا. وَالثَّالِثُ: لِأَنَّهُ أَتَى بِمُعْظَمِ أَفْعَالِهَا. وَالرَّابِعُ: لِأَنَّهُ أَخَذَ فِي التَّحَلُّلِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ الْفَارِسِيُّ فِي «عُيُونِ الْمَسَائِلِ» . وَحَيْثُ جَوَّزْنَا الْإِدْخَالَ عَلَيْهَا، فَذَاكَ إِذَا كَانَتْ عُمْرَةً صَحِيحَةً. فَإِنْ أَفْسَدَهَا، ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهَا الْحَجَّ، فَفِيهِ خِلَافٌ سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. أَمَّا لَوْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فِي وَقْتِهِ، ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهِ الْعُمْرَةَ، فَقَوْلَانِ. الْقَدِيمُ: أَنَّهُ يَصِحُّ، وَيَصِيرُ قَارِنًا. وَالْجَدِيدُ: لَا يَصِحُّ. فَإِذَا قُلْنَا بِالْقَدِيمِ، فَإِلَى مَتَى يَجُوزُ الْإِدْخَالُ؟ فِيهِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ مُفَرَّعَةٍ عَلَى الْمَعَانِي السَّابِقَةِ. أَحَدُهَا: يَجُوزُ مَا لَمْ يَشْرَعْ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ. وَقَالَ فِي «التَّهْذِيبِ» : هَذَا أَصَحُّهَا.
وَالثَّانِي: يَجُوزُ بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ مَا لَمْ يَشْرَعْ فِي السَّعْيِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ فُرُوضِ الْحَجِّ، قَالَهُ الْخُضَرِيُّ. وَالثَّالِثُ: يَجُوزُ وَإِنِ اشْتَغَلَ بِفَرْضٍ مَا لَمْ يَقِفْ بِعَرَفَةَ. فَعَلَى هَذَا، لَوْ كَانَ سَعَى، فَعَلَيْهِ إِعَادَةُ السَّعْيِ لِيَقَعَ عَنِ النُّسُكَيْنِ جَمِيعًا، كَذَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ. وَالرَّابِعُ: يَجُوزُ، وَإِنْ وَقَفَ مَا لَمْ يَشْتَغِلْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute